يستند مفهوم الحق في التنمية الى العديد من العهود والمواثيق الدولية ، بدءا بميثاق الأمم المتحدة ومرورا بالإعلان العالمي لحقوق الانسان ووصولا إلى العهدين الدوليين لسنة 1966 وكذا القرارات والمؤتمرات اللاحقة الخاصة بحقوق الإنسان والتنمية.
لقد صادق المغرب على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ،والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،وبالتالي فالنموذج التنموي الجديد هو التزام وليس ترفا : هو التزام من الحكومة أمام ناخبيها أولا وامام البرلمان والمجلس الوطني لحقوق الانسان باعتبارهما مؤسستين دستوريتين تشملهما مبادئ بلغراد ،لاسيما في المادة 30…( ينبغي ان تتعاون المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان مع البرلمان على تعزيز حقوق الإنسان عن طريق اصدار تشريعات بتنفيذ الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان وتوصيات هيئات المعاهدات والأحكام القضائية المتعلقة بحقوق الإنسان) ؛ وأمام جمعيات المجتمع المدني خصوصا المتمتعة بالصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالامم المتحدة Ecoss ، وثالثا امام المنتظم الدولي وخصوصا مايتعلق بالاستعراض الدوري الشامل وغيره من الاليات الأممية . وتبقى مسؤولية هذه الجهات واجبةوقائمة وليست اختيارية ، والدولة ملزمة بقوة القانون ووفق روح العهود والمواثيق الدولية الموقعة عليها أن تدعم هذه الجهات ماديا وتيسر عملها اداريا ، بما يقوي فرص نجاح النموذج التنموي .
لا نتصور نجاح نموذج تنموي دون وضع آليات مواكبة للمراقبة والتتبع والتقييم بشكل دوري ومرحلي بما يستدعي إصدار تقارير في حق المؤسسات والافراد على حد سواء ؛ تقارير تشيد بجهود الكفاءات الوطنية وفي نفس الآن تدين المتطفلين والانانيين ذووا المصالح الشخصية والمنافع الحزبية الضيقة . فالمغرب لا يعدم كفاءات وفي شتى المجالات وهذا مكسب ثمين غيب، للأسف،
اثناء مشاورات بنموسى الماراطونية اثناء صياغته لبنود النموذج التنموي، نموذج جديد وضع على انقاض آخر اعترف بنهاية صلاحيته بل وبفشله، دون محاسبة من تسببوا في فشله مما قد يعطي الانطباع بانعدام المحاسبة ، من هنا وجب التفكير في اعداد اتفاقية دولية ملزمة تتضمن التنصيص على انشاء هيئات يناط بها مهمة الرقابة على امتثال الدول للالتزامات التي يرتبط بها الحق في التنمية.
أقول هذا، ومن واجبي التذكير ببعض الخطوات التي دفعت المجتمع الدولي الى ابراز البعد التنموي والتفكير في قضية التنمية كحق من حقوق الانسان ،بحيث اتخذت لجنة حقوق الانسان بتاريخ 21فبراير 1977؛ قرارا أوصت بموجبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يدعو الأمين العام للأمم المتحدة ،بتعاون مع اليونيسكو والمنظمات المتخصصة الاخرى،الى القيام بدراسة حلول الأبعاد الدولية الحق في التنمية كحق من حقوق الانسان مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجات الإنسانية الاساسيه ،وتوجت هذه الجهود باتخاذ الجمعية العامة سنة1986 قرارا يقضي بإصدار إعلان الحق في التنمية ،الذي نص في مادته الاولى على ما يلي : << الحق في التنمية حق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والاسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية والتمتع بهذه التنمية التي تمكن من إعمال جميع حقوق الانسان والحريات الأساسية إعمالا كاملاً. >>
تعني التنمية في مفهومها العام إحداث تغييرات إيجابية في حياة المواطنين واستبدال مقاربات سياسية أثبت عقمها بأخرى تحظى بالقبول لدى العموم ، لكن للأسف فإن الحقيقة على أرض الواقع المغربي لا تعكس انجازا كبيرا يذكر في إعمال التنمية من منطلق حقوق الانسان ،فرغم تبني الحكومة للنموذج التنموي الجديد ظلت المقاربات السياسية والاجتماعية لملفات قطاعية على حالها ،ونشير هنا على سبيل المثال لا الحصر [ ملف الاساتذة الذين فرض عليهم التعاقد …ملف الاراضي السلالية ومأزق وصاية الداخلية المعرقل لكل تنمية حقيقية ….ملف المأجورين المتقاعدين ………].و هنا لابد من التساؤل حول أمر مستغرب، كيف لنا ان نستوعب أن عاهل البلاد أشار في إحدى خطبه إلى فشل النموذج التنموي ، وأكد على ضرورة خلق نموذج تنموي جديد يستجيب لتطلعات المغاربة ، وفعلا تم تشكيل لجنة لهذا الغرض،وقدمت اللجنة خلاصات نشاطها الى جلالة الملك ،وصادف هذا الأمر صعود حكومة رجال الاعمال التي تبنت النموذج التنموي ،ووعدت في تصريحها الحكومي أمام البرلمان بغرفتيه بالسير قدما في تطبيقه. التساؤل هنا حول (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية) ، أليست من دعامات النموذج البائد …؟ فكيف لنموذج انتهى أمره وإحدى دعاماته ما زالت حية ترزق أو ترتزق …..؟؟!!