يجيب الناقد الفني محمد بنعزيز، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش حفل اختتام الدورة الـ 52 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش (22 – 26 يونيو 2023)، عن أسئلة تتعلق باعتبار هذه التظاهرة الثقافية عاملا مساعدا على ضخ دينامية قوية في التنشيط الثقافي للمدينة الحمراء، والمكتسبات التي حققها، خصوصا وأنه أطفأ هذه السنة شمعته الثانية بعد الخمسين، والسبل المعينة على جعل أنماط الموسيقى والرقص بالمغرب، وهي الحبلى بالإيماءات والدلالات، ذات بعد عالمي.
1– إلى أي حد يمكن اعتبار المهرجان الوطني للفنون الشعبية عاملا مساعدا على ضخ دينامية قوية في التنشيط الثقافي لمدينة مراكش ؟
طبعا عمل المهرجان الوطني للفنون الشعبية على ضخ دينامية شاملة بمدينة مراكش، لاسيما في ما يتصل بالجانبين الثقافي والتنشيطي. ولا أدل على ذلك من أن الفنادق ومؤسسات الإيواء كانت غاصة عن آخرها، بالرغم من قرب موعد عيد الأضحى، إلى جانب التفاعل الكبير الذي تلقاه هذه التظاهرة الفنية من قبل فئات عريضة من الجمهور.
2– ماهي المكتسبات التي حققها المهرجان خصوصا وأنه أطفأ شمعته 52؟
الأرقام غنية عن البيان. فالمهرجان الوطني للفنون الشعبية، أطفأ هذه السنة شمعته الـ52، ويتعلق الأمر بأقدم مهرجان مغربي، حيث تعود أول دورة له إلى سنة 1959.
كما أن الدورة 52 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية، التي نظمتها جمعية الأطلس الكبير، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، عرفت مشاركة 670 فنانا وفنانة، ينتمون ل35 فرقة فلكلورية من مختلف جهات المملكة، بالإضافة إلى مجموعة شعبية إفريقية، وفرقة من ألمانيا (ضيفة شرف الدورة).
3 – كيف السبيل لجعل أنماط الموسيقى والرقص بالمغرب ، وهي الحبلى بالإيماءات والدلالات، ذات بعد عالمي؟
لقد حققت الفرق الموسيقية الفولكلورية المغربية، “العالمية” مبكرا. فالفرق التي تحدرت من سلوك الإنسان العاقل الذي عاش في المغرب منذ 300000 سنة يجعل هذه الفرق تؤسس لحركات وإيماءات قابلة للتصدير. لأجل ذلك يتوافد فنانو العالم على حواضر مراكش وطنجة والصويرة، وغيرها.
شخصيا أهتم بهذا الفن منذ سنوات وأعمل على تفكيك رمزيات وإيحاءات ودلالات حركات الجسد، لإنتاج معرفة بما يجري وأغني هذه المعاينة والتحليل بحضور المهرجان الوطني للفنون الشعبية بمراكش، لأدون مشاهداتي، وأكتب وأصور، ف”من رأى ليس كمن سمع”.
الفولكلور هو “الإبداع الشعري الشفهي لجماهير الشعب العريضة” بحسب الكاتب الروسي يوري سوكولوف في كتابه “الفولكلور قضاياه وتاريخه”. لقد مجد الرومانسيون الفولكلور باعتباره صوت الشعب. ويتأسس الفولكلور على لغة الجسد والإيماءت، وهي لغة عالمية. كما أن أشهر فنان سينمائي قدم أفلامه بالإيماء، هو شارلي شابلن الذي حقق عالمية مدوية.
وفي مراكش أثث المدرجات متفرجون من جنسيات مختلفة، الذين رقصوا وتفاعلوا بكل عفوية. إن الفولكلور ليس قولا فقط، بل يشتبك مع الرقص والمسرح والموسيقى، وهذا ما قدمته منصات المهرجان دفعة واحدة.
الرقص فعل محسوس. لغة الجسد أقرب للفهم، حركات الجسد أقل تشفيرا. في الرقص هناك سنن وتعاقد بين المرسل والمتلقي، المتفرجون يفهمون ويتفاعلون لأن النظام السيميائي للجسد أقل تشفيرا من النظام السيميائي للغة، فلغة الجسد أكثر وضوحا.