تسبب أسوأ جفاف تشهده المملكة المغربية منذ عقود في جعل المزارعين يواجهون ما وصفه مسؤول في قطاع الزراعي بأنه “عام كارثي” سيجبر الحكومة على زيادة واردات الحبوب ودعم القمح اللين.
فالأمطار هذه السنة أقل بنسبة 64 في المئة من المتوسط، الأمر الذي أدى لاستنزاف مخزون معظم السدود التي تقلصت مياهها بالفعل بعد سنوات من التقلب المناخي.
وفي بلد تمثل الزراعة فيه أكبر قطاع مشغل ومثلت 17 في المئة من الناتج المحلي عام 2021، سيضر هذا الجفاف بالمالية العامة اذ يطرح تساؤلات على المدى البعيد بخصوص نموذج المغرب الزراعي الذي يعتمد على الاستهلاك المكثف للمياه.
وقال محمد بنعبو الخبير في المناخ والتنمية المستدامة “هذا أسوأ جفاف يشهده المغرب منذ 30 عاما…الفرشة المائية تكاد تنضب في بعض المناطق الزراعية مثل سوس”.
وأضاف أن الجفاف يحدث كل عامين حاليا بدلا من مرة كل عشر سنوات على غرار ما كان يحدث حتى تسعينيات القرن الماضي.
وقال خالد بنسليمان، رئيس الجمعية المغربية لمكثري البذور، إن المزارعين في المناطق التي تعتمد أكثر على المطر إما لم يزرعوا المحاصيل أو فقدوا الأمل في حصادها، بينما الخزانات تفرغ في المناطق التي تعتمد على الري.
وبلغت النسبة الإجمالية لملء السدود المغربية 33.2 في المئة فقط في المتوسط حتى أمس الخميس مقابل 48.5 في المئة قبل عام. وفي منطقة دكالة إحدى أهم المناطق الزراعية المغربية فإن نسبة الملء في سد المسيرة بلغت 6.7 في المئة.
وقال بنسليمان “هذا عام كارثي للمزارعين المغاربة”.
وكشف الديوان الملكي، صاحب الكلمة الفصل بخصوص القرارات الاستراتيجية، النقاب هذا الأسبوع عن برنامج بقيمة مليار دولار للتخفيف من حدة الجفاف يشمل تقديم دعم لأعلاف الحيوانات وتقنيات ري أكثر كفاءة وإعانات مالية للمزارعين المتضررين.
وحدثت تفاوتات كبيرة في إنتاج الحبوب نتيجة للاضطرابات المتزايدة ذات الصلة بهطول الأمطار في السنوات الأخيرة. ففي العام الماضي مثلا كان المحصول 10.3 مليون طن، وهو أزيد ثلاث مرات مما كان عليه قبل عام.
ووسط توقعات بزيادة تناقص إنتاج الحبوب هذه السنة، قال رشيد بنعلي، نائب رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، إن المغرب سيستورد على الأرجح أكثر من عشرة ملايين طن من الحبوب هذا العام مقارنة بثمانية ملايين طن العام الماضي.
وأضاف “المغرب سيحتاج كميات أكبر، مما يعني أن الفاتورة ستكون أغلى”، في إشارة إلى ارتفاع الأسعار في السوق العالمية نتيجة للتوتر في منطقة البحر الأسود.
وللإبقاء على استقرار أسعار الخبز يتوقع أن يزيد انفاق الحكومة على دعم القمح اللين (الحنطة) إلى 3.8 مليار درهم (410 ملايين دولار) هذا العام من 3.3 مليار درهم العام الماضي.
وقال فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، إن هذا المبلغ مرتفع مقارنة بمتوسط يبلغ نحو 1.3 مليار درهم في السنوات الأخيرة.
وأضاف بنعلي “جفاف هذه السنة شديد بشكل استثنائي وأضر بكل المناطق المغربية”.