الخادمات في البيوت، نساء فقيرات من مختلف الأعمار لا يعلم عنهن المجتمع شيئا سوى أنهن على قيد الحياة.
نساء يُعتبرن نصف المجتمع وهن خادمات هذا المجتمع. عاملات يلجأن الى البحث عن لقمة العيش، بالعمل في التنظيف والأعمال المنزلية، او بالاحرى يتم استغلالهن صباح مساء ليصبحن بذلك عرضة للاستغلال المادي والمعنوي واحيانا حتى الجنسي داخل بيوت مغلقة تحكمها طبقة غنية .
ظروف قاهرة ومعاناة وسط غلاء المعيشة وتوالي الازمات دفعت بنساءً مغربيات الى الخروج في الصباح الباكر حيث الظلام الحالك والبرد القارس للبحث عن عمل تجود به الأيادي السخية بما يسُد رمق الصغار ويكُفهن عن السؤال.
يمتطين الحافلات كل يوم وعلامات البؤس على وجوههن ، وزحف السنين والفقر والحاجة يبدو على محياهن .
موقفا ارتضينَه لأنفسهن مكرهات لا أقل ولا أكثر.
الحافلات نقطة التقاء خادمات البيوت ،يتبادلنا اطراف الحديث ويعرضن فيها ما تقمن به من خدمات في الغسل والكنس والتنظيف والطبخ كل يوم .كما يعتبر هذا المكان متنفسا يعبرن فيه عن ما يعانين من هموم الحياة ومشاكل المعيشة مع اصحاب البيوت.
أعمال منزلية شاقة ومتعبة، تلك التي يُوكل بها لخادمات البيوت، تمتد لساعات طويلة من النهار وقد لا تنتهي إلى أن يرخي الليل سُدوله، لتعدن إلى بيوتهن وأبنائهن مُحمَّلات بالقليل أو الكثير حسب ما تجود به صاحبة البيت، “أعمل عند سيدة غنية منذ خمس سنوات، أذهب عندها في الصباح الباكر وأعود مساء وأحيانا ليلا الى بيتي ، حيث ينتظرني أبنائي وهناك أكون مضطرة للقيام مرة اخرى بأعمال لأجل إطعامهم وقضاء حوائجهم” هكذا يبدأ يوم مينة إحدى الخدمات وهكذا ينتهي.
عمل مُضنٍ ومجهود جبار اعتادت عليه الكثير من النساء في هذا الوطن ، متحملات لضيق العيش من جهة و مقاومات لسوء تصرف صاحبات البيوت ، “هذا عملنا الذي دفعتنا إليه الحاجة، الفقر قاس خاصة لمن لديها أبناء”، تضيف المتحدثة مينة لجريدة لوبوكلاج.
وتضيف حنان إحدى الراكبات ايضا “لدي ولدين وزوجي طريح الفراش لا يشتغل إلا نادرا .بعد مرضه اضطررت للخروج الى العمل لسد حاجيات البيت من كراء وملبس ومشرب ”
وفي سؤال عن سوء معاملة اصحاب البيوت أكدت خديجة سيدة خمسينية “لا نتعرض لسوء المعاملة من الجميع، هناك سيدات محترمات يكرمنن، نشتغل داخل بيوتهن وننظفها وفي نهاية اليوم يلتزمن بالمبلغ المُتفق عليه والذي لا يتجاوز 200درهم ، بل ومنهن من تمنحني بعض السكر والدقيق واحيانا بعض الملابس البالية“.
تتدخل أخرى لتنفي ما سبق قائلة : ” إنهن يتشابهن في المعاملة ، لقد أنهكني التنظيف ومسح الأرضيات وترتيب البيوت، وأصبحت اكره هذا العمل ، لأن هناك العديد من صاحبات البيوت من تطلب منك إعادة تنظيفه من جديد بحجة أن العمل غير متقن ولم ينل رضاها، لأُعيده مرة أخرى وهذا عمل جد مضن“.
تكثر الحكايات بكثرة النساء الخادمات فلكل منهن حكاية، ولكل منهن ظروف وتجارب قاسية مع كل بيت تطؤه قدمها .
خدمة البيوت، من أسوء الأعمال التي يمكن أن تقوم بها المرأة خاصةو أن القانون الجديد والذي من المفروض أن يحمي الخادمة تشوبه ثغرات كبيرة في وقت يجب أن تكون بنوده واضحة ورؤيته شمولية، وهو الأمر الذي تتضح معالمه في عدم تحديد أجور ساعات العمل وكذا تحديد عدد ساعات العمل الإضافية والتعويض عنها، زيادة على عدم ذكره لإجازة الأمومة المنصوص عليها في مدونة الشغل.
حتى وإن حمى هذا القانون المرأة البالغة الراشدة فكيف سيحمي الخادمة القاصرة والمنحدرة من عالم قروي محض.؟
فأي عيد هذا الذي يحتفل به العالم ونساؤه مثابرات، صابرات ومكافحات تحت ذل أخريات ؟