أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤخرا تقريرا هاما حول القضاء الأسري بالمغربــ، رصد فيه وضعية أقسام قضاء الأسرة بالمغرب من خلال مؤشرات أدائها القضائية خلال الفترة الممتدة ما بين 2017 ونهاية سنة 2021.
وباستقراء النتائج التي خلص إليها التقرير يتضح أن طلبات الإذن بتوثيق الزواج خلال الفترة الممتدة ما بين 2017 و2022 قد ناهزت 1.179.232 طلبا، تشكل ضمنها طلبات زواج القاصرين نسبة 10.88 بالمائة ن وبمعدل سنوي بلغ 25.678 طلبا، بينما بلغ معدل الطلبات المقبولة سنويا 11.812 طلبا.
وبارتباط مع ظاهرة طلب الزواج من القاصرات ببلادنا، أشار تقرير المجلس المذكور أعلاه، بأن الإحصائيات المذكورة أعلاه “لا تعكس العدد الحقيقي لحالات زواج القاصرين، باعتبار أن بعض الزيجات قد تتم دون توثيقها أو تقديم طلبات بشأنها إلى المحاكم”.
ولتفسير ظاهرة الإقبال على الزواج بالقاصرات خلصت دراسة ميدانية أعدتها رئاسة النيابة العامة إلى كون تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للأسر والسعي للتخفيف من مصاريف الفتيات أو الطمع في مداخيل إضافية (هدايا عينية، مساعدات دورية أو غير دورية) تمثل الدافع الرئيس لتزويج الفتيات في سن مبكر. وتنضاف إلى العامل الاقتصادي عوامل ثقافية تتمثل في هيمنة العقلية التقليدية التي تحصر دور المرأة في الإنجاب ورعاية شؤون البيت، بحيث أبرزت الدراسة أن العامل الثقافي يمثل نسبة 44,08 بالمائة. ومما يبرز وزن العامل الثقافي ما كشفته الدراسة من كون تزويج القاصرات “ينتشر بشكل أكبر في الأوساط ذات المستوى التعليمي المتدني والمحدود”
وأضافت الدراسة الميدانية المشار إليها أعلاه، بأن عدم استقرار الأسرة وغياب عنصري التوازن والتفاهم داخلها يرفع من نسبة احتمال زواج القاصرات حيث أن 74,30 من الفتيات اللواتي تزوجن مبكرا نشأن في وسط أسري غير مستقر نتيجة وفاة أحد الأبوين، الطلاق، المعاناة من الإعاقة.