أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، أن مشروع قانون المالية لسنة 2025 يتضمن قراراً مهماً يقضي بإعفاء تدريجي لمعاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل، على أن يتم الإعفاء الكامل ابتداء من يناير 2026. خطوة اجتماعية سيستفيد منها أكثر من 750 ألف متقاعد، وتُكلّف خزينة الدولة حوالي 1.2 مليار درهم سنوياً.
الإجراء الجديد يحمل بُعداً اجتماعياً قوياً، لأنه يرفع عبئاً ضريبياً عن فئة أنهكتها سنوات الخدمة والاقتطاعات.
المتقاعدون لطالما اعتبروا أن فرض ضريبة على معاشاتهم نوع من “الازدواج الضريبي”، إذ سبق أن اقتُطع جزء مهم من أجورهم خلال فترة العمل.
لكن، هل يكفي هذا الإعفاء لمعالجة أزمة التقاعد في المغرب؟ الجواب: لا.
المغرب يواجه منذ سنوات إشكاليات بنيوية في أنظمة التقاعد:
عجز متنامٍ في الصناديق.
تفاوتات كبيرة بين أنظمة القطاع العام والخاص.
ضعف معاشات أغلب منخرطي CNSS، إذ لا يتجاوز معاش نصفهم 2000 درهم شهرياً.
إصلاحات سابقة ارتكزت على رفع سن التقاعد وزيادة الاقتطاعات، وهو ما اعتبرته النقابات “إصلاحاً على حساب الموظفين”.
الإعفاء من الضريبة خطوة تهدف إلى امتصاص جزء من الغضب الاجتماعي، خصوصاً وأن الحكومة تستعد لطرح إصلاحات جديدة قد تتضمن رفع سن التقاعد إلى 65 سنة وتوحيد الأنظمة في قطبين (عمومي وخاص).
اقتصادياً، ستتحمل الميزانية كلفة إضافية، لكنها قد تُعتبر “استثماراً اجتماعياً” يعزز الثقة ويقوي القدرة الشرائية لفئة واسعة.
الرهان اليوم هو كيف نحقق توازناً بين:
حماية معاشات المتقاعدين الحاليين، عبر تدابير اجتماعية كالإعفاء الضريبي وزيادة المعاشات.
ضمان استدامة الصناديق للأجيال المقبلة، من خلال إصلاحات هيكلية قد تكون مؤلمة (رفع السن، زيادة المساهمات)
الإعفاء الضريبي خطوة مهمة لكنها ليست حلاً للأزمة. بل يمكن اعتباره إجراءً مكملاً لتخفيف حدة الإصلاحات القادمة. لكن السؤال الأهم الذي يظل مطروحاً هو:
هل ستتمكن الحكومة من تمرير إصلاح شامل للتقاعد يُوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية، أم سنظل في دائرة “الإصلاحات الترقيعية”؟















