نظم المجمع الوطني للثقافة الذي يرأسه الدكتور نبيل الصافي مؤتمره الثاني، تحت شعار ” الأمن الثقافي” وذلك يوم السبت 9 من دجنبر الجاري بمركز التعريف بالتراث بالمدينة العتيقة بالدار البيضاء.
الأمن الثقافي بمفهومه ومقوماته بكل تبعياته وأهدافه كان محور المؤتمر الوطني الثاني والذي عرف حضور ثلة هامة من المثقفين والأكاديميين، الدكاترة والأساتذة والفاعلين الجمعويين ورؤساء الهيئات وكذا الرياضيين والأدباء والذين أثروا بنقاشاتهم وآرائهم وكذا اقتراحاتهم هذا اللقاء الثقافي القيم.
في بداية المؤتمر قام المشاركون والحاضرون بجولة وزيارة لمتحف مركز التعريف بالتراث .تلتها كلمة ترحيبية لرئيس المجمع الدكتور نبيل الصافي والتي ضمنها اهتمامه بالشأن الثقافي بكل محاوره ورغبته الملحة في لعب دور بالمشهد الثقافي لضمان الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري للمغرب، ثم توالت سلسلة من المداخلات من قبل 30مشاركا ومشاركة..
الدكتور عزالدين ميسطار كان أول المتدخلين وقد أكد على أن الأمن الثقافي هو امتداد للأمن القومي والاقتصادي والسياسي والعسكري والامن البيئي و أن الانفتاح والتواصل الثقافي لا يمكن تحقيقه دون أمن ثقافي.
كما أن مقومات الأمن الثقافي لا تعني زيادة وتيرة الرقابة على الثقافة بكل آلياتها ووسائلها ولا تعني الخضوع لمقتضيات السائد وغياب حالات الابداع والمبادرة وإنما تعني ضرورة الانطلاق من رؤية ثقافية حضارية في التعاطي والتواصل مع شؤون وقضايا الثقافة الانسانية.
مداخلة الاستاذ سعيد سوقايلي انصبت على وضيفة الامن الثقافي التربوي أو ما أسماه بالأبعاد التربوية للأمن الثقافي ،باعتبار ان هناك علاقة تكاملية، ترابطية وتفاعلية بين ثالوث الأمن والثقافة والتربية تجعل كل منهم يحمي ويحافظ على الاخر.
ركزت المدربة سعاد السبع في حديثها عن دور المثقف العضوي في الانصهار داخل المجتمع والاقتراب من الرأي العام والحفاظ من خلاله على وحدة الوطن .
الفاعلة الجمعوية نادية ظاهر حددت الأمن الثقافي في تحقيق السلام باعتبار ان الثقافة قوة ناعمة لها روابط بالسيرورة الانسانية وبالعالم الخارجي.
الدكتور حاتم حسون حصر مفهوم الأمن الثقافي في الهوية الانسانية .وتطرق الى تأثير العولمة في محاربتها دوليا للهوية العربية ضاربا المثال بما وقع ويقع في بلده العراق.
حسب الاستاذ عبد الكريم معاش فإن مفهوم الأمن الثقافي لدى المغاربة خاصة هو بمثابة شرعنة للعلاقات العامة في مختلف أرجاء الوطن وبعلاقاتها المتشابهة مع الاقطار العربية والاسلامية. وأهم أسس الأمن الثقافي هو الاسلام الذي عنه تنشأ الرؤية الأخلاقية والمعرفية بين المغاربة.
حسب الصحافي بوشعيب الحمراوي فالأمن الثقافي يحتاج الى أربعة أنواع : الأمن الوقائي الحمائي ، الأمن الزجري والتسويقي والثقافة الرقمية للحفاظ على التراث والذاكرة الحضارية.كما نادى بإحداث مدونة رقمية لمنع طمس الهوية ومنع التيه في العالم الرقمي و مواقع التواصل بتفاهته وميوعته وسخافته.
الشاعرة وفاء العنزي أكدت في مداخلتها ان العولمة والاجتياح التكنولوجي الخطير قد استطاعا بأسلحتهما القوية وعتادهما أن يخترقا ثقافات ضعيفة تفتقر الى مناعة تساعد على المواجهة والصمود.
الشاعر أنس أمين يرى أن الأمن الثقافي ضرورة استراتيجية ملحة لبقاء خصوصية الدول بعقائدها ومعارفها وحمايتها من كل حصار قد يهددها ثقافيا.
الصحفي عماد فواز ركز على أن الاعلام حاليا يحتاج الى الكثير من الأمن أكثر من قبل خاصة وأن المغرب بلد مصدِّر ثقافي كبير ويمكنه أن يستغل التنوع الثقافي والحضاري الذي يزخر به ويعمل على تصديره دوليا .
الدكتور محم دحمان تطرق الى العلاقة بين الأمن الثقافي والرياضة باعتبار هاته الاخيرة ممثلة في كرة العين سفيرا من سفراء الثقافة المغربية في العالم نظرا للدور الذي تلعبه داخل وخارج الوطن من استقطاب للمثقفين والرياضيين مثلها مثل باقي الرياضات.
توالت المداخلات وتنوعت معها مشارب النقاش لتلتقي في نقاط أساسية والرامية الى كيفية تحقيق الأمن حتى يستطيع هذا الأخير المساهمة في التنمية والتطور الثقافي المغربي والعربي .كما اتَّحدَت آراء وأهداف رئيس المجمع والمشاركين على ضرورة تضافر الجهود بين كل مكونات المجتمع من إداريين وهيئات وأفراد من أجل الأمن الثقافي وبالتالي من اجل خدمة الأمن المغربي .وكذا التحسيس بأهمية الأمن الثقافي للأمة لربط سياسة حمائية وغرس الاعتزاز بالثقافة وكذا ربط الاجيال بتراثها وحضارتها وذاكرتها الثقافية التي تشمل التاريخ واللغة والدين والعلوم العقلية .
في المرحلة الثالثة من المؤتمر تم تتويج شخصيات كان لها دور كبير في المشهد الثقافي بالمغرب ، حيث تم تكريم ياسمين الحاج وتتويجها شخصية 2023 تقديرا لما تقوم به من دور فعال وريادي في المجال الثقافي وكذا تكريم محافظ المركز اسماعيل وليد سعد ومديرة مركز التعريف بالتراث أسماء الزاكي .كما تم منح الشاعر أنس أمين نسختين أوليتين من إصدارات المجمع الوطني للثقافة .
اختتمت أشغال المؤتمر، باطلاق عدة توصيات لخدمة الثقافة الوطنية وتعزيز الاشعاع الثقافي بالمغرب بفضل اتحاد فعاليات ثقافية وابداعية من داخل المملكة وخارجها.