اشتد الخناق على وزير الشباب والثقافة المكلف بقطاع التواصل، المهدي بنسعيد ، نتيجة النقاشات العلمية، العالية المستوى بخصوص مشروع قانون إحداث لجنة مؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر ، حيث انتفضت بهذا الخصوص، انتفاضة علمية، مختلف القوى الحية ،
ومن أبرز هاته القوى، وزير الاتصال السابق محمد الأعرج؛ الذي هو في الأصل ، أستاذ القانون الدستوري مشهود له بالكفاءة والنزاهة العلمية ، حيث ناقش الموضوع من مختلف جوانبه عبر مقال علمي بعيدا عن الحسابات السياسوية الضيقة او الكلام الشعبوي .
لم يجد الوزير بنسعيد ما يبرر به الخرق الدستوري الذي قام به ، ولم يجد القدرة على مسايرة النقاشات التي بينت ضعف حجته مثل ضعف بيت العنكبوت ، فأدخل الجامعة في متاهات السياسة والتزلف والنقاش السياسي المتجه في البحث عن مصلحة الذات وليس مصلحة القانون وصورة البلاد ،
حيث استقدم أستاذا مغمورا في القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس ، كلية الحقوق السويسي ، من أجل المشاركة في ندوة ينظمها فرع الرباط للنقابة الوطنية للصحافة المغربية يوم الاثنين المقبل 29 ماي الجاري حول موضوع ” أية آفاق لمهنة الصحافة في ظل المستجدات التي يعرفها القطاع ؟ ” ،
الى جانب مشاركة كل من يونس امجاهد بصفته عضو المجلس الوطني الفدرالي للنقابة وعبد الله البقالي بصفته رئيس النقابة ذاتها ، وإدريس شحتان بصفته رئيسا للجمعية الوطنية للإعلام والناشرين ، وطبعا بحضور الوزير ذاته محمد المهدي بنسعيد .
لا نريد أن ننقص من قيمة هذا الأستاذ المغمور، الذي وعلى ما يبدو أنه وافق على حضور الندوة معتقدا أن حضور وزير فيها هي بالضرورة ندوة علمية ، ولا نريد أن نتهم الأستاذ المذكور ب “الخبزية ” نظرا لأن هناك من يحضر مثل هاته الندوات من أجل دراهم معدودات دون ادنى احترام للأهلية العلمية ، ولا نريد أيضا أن نتحدث عن نوعية المشاركين في هاته الندوة وسياقها وارتباطها بعملية “تشناقت ديال السياسة ” ، كل هذا لا نريد الخوض فيه الآن ،
لأن مكانة الجامعة أهم بكثير من هذا النقاش السياسوي الذي يريد البعض تقويته وشرعنته بواسطة “التدليس العلمي ” وليس بواسطة البحث العلمي
كان الأمر سيكون مقبولا لو تمت المناداة على أستاذين جامعيين اثنين لتوضيح الرؤيا ، وليس أستاذا لم نقرأ له مقالا علميا ولا نعرفه من هو؟ ليتم استقدامه من أجل تزكية أطروحة هشة، وهذا سيفقد الجامعة النفربية هيبتها ومكانتها وسيصبح الأستاذ الجامعي متهما بالاسترزاق العلمي ،
فلو كانت نية الوزير صادقة من أجل المصلحة العامة ، لكان استدعى للحضور في المنصة أحد الممثلين الرافضين للمشروع مثلا ، أو ممثل هيئة الناشرين ، أو أستاذ جامعي آخر ، أو صحافي لا منتمي ويوجد خارج إطار حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، كان الوزير أن يحول الندوة الى مناظرة علمية يكون شعارها ” قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ” ، حينها يدلي كل واحد بدلوه ما دامت أن النية صادقة تسير باتجاه المصلحة العامة وليست المصلحة الشخصية .
في الدول المتقدمة مثل هاته المواضيع يكون فيها حوار حقيقي ، un grand débat كما يقول إخواننا الافرنج الذي يفتخر بجنسيتهم كل من الوزير ورئيس المجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته ، إذ أن التقليد يجب أن يكون في كل شيء حتى في النقاش والجدال الفكري والعلمي ،
ولكن ماذا عسانا أن ننتظر من وزير يكرم أمثال “طوطو” ويدافع عن لغتهم الزنقاوية بدعوى الحداثة والتحضر ودون إحترام للخصوصية المغربية وهو وزير الثقافة يا حسرة؟ وماذا ننتظر من وزير في عهده يحرق فنان نفسه أمام إحدى مباني وزارته ؟ لن ننتظر شيئا سوى لطف اللطيف الذي يعلم خائنة الأنفس وما تخفيه الصدور .