أكد الكاتب الصحفي، عبد الحميد جماهري، أن النظام الجزائري “ضيع فرصة للنضج والارتقاء إلى مستوى دولة” بمناسبة انعقاد القمة العربية على أرضه، مؤكدا أن قوة التواريخ وحقائق السياسة الدولية تقيم الحجة بأن الذي يغيب عن محطات بناء المغرب الكبير وترميم الكيان العربي المشترك هو الذي يؤجج الصراعات.
جاء ذلك في عمود “كسر الخاطر” للكاتب جماهري لعدد يوم غد الخميس من جريدة (الاتحاد الاشتراكي) ردا على تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، لوكالة أنباء الأناضول، وقال فيها تعليقا على “غياب جلالة الملك” عن القمة العربية إنه “سيبقى للمؤرخين إصدار الحكم إن كانت هناك فرصة ضاعت للمغرب العربي والعمل العربي المشترك، وكذلك من يتحمل مسؤولية ضياعها”.
وقال جماهري في هذا الرد إن “المغرب اجتهد كثيرا، والجيران يقترفون العداء تلو العداء ضده، في الفصل بين التزامه المسؤول والثابت إلى جانب الأشقاء العرب وبين المشاكل الثنائية التي تجمعه مع الجيران الذين يحتضنون القمة، ولم يقابل نظام المرادية ذلك بما يجب من المسؤولية والنضج، وتصرفوا كما لو أنها قمة جزائرية بحضور عربي لا قمة عربية فوق ترابهم”.
وأضاف أن وزير الخارجية الجزائري “لم يجد من امتداد لهذا الثابت العدائي سوى لي عنق الحقيقة، وتجاوز منطق التعامل الدولي، ومحاولة استعمال غربال الالتباس في تغطية شمس الواقع العنيد”، معتبرا أن لعمامرة “قد لا يدرك أن اللعب بالكلمات والتحايل على السياقات لا يمكنهما تحريره من الخزي الأخلاقي لدولة جعلت العداء خطها التحريري، ولكنه سيدرك، ربما بعد فوات الأوان، أن قوة التواريخ وليست التاريخ الوحيد، وسجلات الذاكرة، وحقائق السياسة الدولية، تقيم الحجة والدليل بأن الذي يغيب عن محطات بناء المغرب الكبير وترميم الكيان العربي المشترك هو الذي يؤجج الصراعات”.
وتابع مدير نشر وتحرير (الاتحاد الإشتراكي) أن “التاريخ المغربي والمغاربي لن يخضع لريع الذاكرات الانتقائية، وهو ذاكرة طويلة، وامتداد يفوق الذاكرات الطارئة عليه كما هو حال وزير نظام نصف مشلول”، متسائلا عما إذا كان لعمامرة فهم جيدا كلام جلالة الملك عندما قال بأن القمة العربية لحظة هامة في تاريخ العرب، وهل تذوق كلام جلالة الملك عندما دعا القادة العرب إلى حضور القمة لعلهم ينقذون ما يمكنهم إنقاذه.
وسجل الكاتب الصحفي في هذا الصدد أن التاريخ يحتفظ لجلالة الملك محمد السادس “أنه وجه رسائل علانية واضحة عبر البريد الدولي للجزائر وبحضور العالم كشاهد من أجل فتح صفحة جديدة، ووضع خارطة طريق لذلك في 2008 وكرر الأمر في خطاب المسيرة 2018 وخطاب العرش 2021”.
واستعرض في هذا الصدد قول جلالة الملك في خطاب يوليوز 2011 بمناسبة عيد العرش “أتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية حتى يتمكن المغرب والجزائر من العمل يدا بيد من أجل إقامة علاقات طبيعية”، وكذا قول جلالته في الخطاب السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء سنة 2018، “ويشهد الله أنني طالبت، منذ توليت العرش، بصدق وحسن نية، بفتح الحدود بين البلدين، وبتطبيع العلاقات المغربية الجزائرية”.
وتساءل جماهري “هل كان هناك رد سياسي مقبول من طرف نظام الجزائر؟” قبل أن يجيب “أبدا.. بل زاد التصعيد وأ غرقت المنطقة في الشك وتعالت دعوات الحرب والتسفيه، وقرعت طبول الحرب، واستدعي الشيطان الإيراني إلى الحفلة”.
وبعدما ذكر بأن لعمامرة هو نفسه الذي سبق وقال إن العلاقات بين البلدين قطعت وسدت الأبواب، وأعلن رفض أي وساطة عربية في الموضوع بعنجهية وغطرسة، قال اجماهري إنه “لا أحد يتفوق على وزير خارجية النظام العسكري في اجترار نفس الكلام المغموس في الخبث الفطري الذي جبلت عليه نخبة عينت المغرب عدوا تقليديا منذ زمان بعيد”.
وخلص الكاتب الصحفي إلى أنه “لطالما ربطت الجزائر كل مآسيها بالمغرب، وربطت بين دفاع المغرب عن موقعه العربي وبين محاولة إفشال القمة عندها. وفي الواقع لا أحد سيسعى لإفشال القمة.. ليس من الثقة فيها وفي ما تنتجه من قرارات، أبدا، بل لأن الجزائر تقوم بالمهمة بأفضل وأحسن الطرق!”.