يهدف عددٌ من الدول الغربية إلى ترويج رواية مختلفة عن مسؤولية الهجو، الذي ارتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد مستشفى المعمداني متسبباً في أكبر مجزرة ضد المدنيين دفعة واحدة منذ عقود طويلة، وذلك بهدف حماية صورة إسرائيل في أعين الرأي العام الغربي.
وتعتبر مجزرة مستشفى المعمداني من أسوأ المجازر خلال العقود الأخيرة، ولا يمكن العثور على شبيه لها، سوى في المجازر التي شهدتها رواندا، إبان أوائل التسعينات. ونظراً لفظاعة ووحشية العملية الحربية، تنهج الدول الغربية حيلتين لحماية صورة إسرائيل، الأولى هي التعبير عن الألم والرفض دون توجيه أي انتقاد، بل حتى اللوم إلى إسرائيل، والحيلة الثانية خلق شبهات حول من يتحمّل المسؤولية؛ هل هي إسرائيل، أم “صاروخ الجهاد الإسلامي”، وذهبت واشنطن في هذا الاتجاه، وفق تصريحات الرئيس جو بايدن في إسرائيل، الأربعاء من الأسبوع الجاري.
لا يمكن نسب هذه العملية الوحشية إلى أي صاروخ فلسطيني، لأن القوة النارية والتدميرية لصواريخ المنظمات الفلسطينية لا تصل إلى هذا المستوى التدميري، وعليه، فإن القنبلة هي من صنع غربي محض. لو كان للحركات الفلسطينية صواريخ بهذه القوة التدميرية، لكان ضحايا الرشقات الصاروخية بالآلاف في صفوف المستوطنين.
مجزرة مستشفى المعمداني من أسوأ المجازر خلال العقود الأخيرة، ولا يمكن العثور على شبيه لها سوى في المجازر التي شهدتها رواندا
في الوقت ذاته، سبق للمدير السابق لجهاز “الموساد” داني يتوم أن صرح، منذ أيام قليلة، بأنه يجب ضرب المستشفيات لأن قيادات “حماس” تتواجد فيها، ولم يكن ينطق عن الهوى، بل ربما انطلاقاً من وجود خطة مهيئة مسبقاً في هذا الشأن.
يعمل عددٌ من زعماء الغرب ضد الساعة لنشر شبهات حول الجهة المسؤولة عن مجزرة المستشفى المعمداني، لكي لا يتأثر الرأي العام الغربي بهذه الجريمة البشعة، لا سيّما بعدما بدأت موجة التظاهرات في عدد من المدن الغربية، وينتظر أن تكون بالعشرات، وستستمر طيلة الأيام المقبلة.
وهذه ثاني محاولة للغرب، بعد الادعاء بـ “ذبح أطفال يهود”، وهو الخبر الذي اضطر البيت الأبيض للاعتذار عنه بعدما تبيّن زيفه. وارتباطاً بهذا، خبر ذبح الأطفال كان لكسب التأييد لإسرائيل في الغرب والعالم، بينما عدم تحميل إسرائيل مجزرة المستشفى يرمي إلى حماية صورتها خوفاً من الانهيار الأخلاقي التام، نظراً لبشاعة هذا الحدث الذي دخل تاريخ المجازر الإنسانية البشعة.