بين البحر الأبيض المتوسط ومرتفعات الريف، برزت مدينة تطوان كحاضنة لصنائع تقليدية حملت بصمة المرأة منذ مطلع القرن العشرين. لم تكن الحرف مجرد نشاط منزلي، بل مصدر رزق وشرف، كما يجسد المثل التطواني: “ينتم مال الجدين وتبقى صنعة اليدين”.

الغزل: مارسته النساء مسلمات ويهوديات، حيث كنّ يشترين الصوف من الأسواق، ويغسلنه ويبيّضنه بطرق تقليدية قبل غزله وطرحه في الأسواق كخيوط جاهزة للحياكة.
الحياكة المنزلية: تميزت النساء بصناعة الفوطات القطنية الملوّنة والمناديل الرقيقة “سبنية”، التي لاقت إعجاب الأوروبيين لجودتها.
الطرز بالحرير: شكّل أبرز تعبير إبداعي نسائي، حيث مارسته نحو ألف امرأة، وأنتجن ستائر وأغطية وملابس مطرزة بخيوط الذهب والفضة، جمعت بين الجمال والرمزية.
الخياطة: أسهمت النساء في تحويل النسيج إلى لباس عبر خياطة الجلابيب والقفاطين والسلهام والسراويل، إما لحساب الخياطين أو للبيع المباشر في الأسواق.
زخرفة الجلد: زيّنت نساء تطوان وجوه الأحذية (الشرابل) بخيوط حريرية ومعدنية، وأبدعن في صنع محافظ وأحزمة وحاملات مصاحف.
الفخار: برعت النساء الجبليات في صناعة “المجامر” الطينية التي استعملت في البيوت المسلمة واليهودية، خاصة لحفظ دفء الطعام يوم السبت.
عرفت هذه الصناعات تراجعاً بفعل عدة عوامل: انهيار العملة وتفشي الفقر، تراكم الديون وتزايد النفقات العسكرية، الضرائب الباهظة، الحصار التجاري وانقطاع الطرق، تدهور ميناء مرتيل، إضافة إلى منافسة البضائع الأوروبية الرخيصة وقرب تطوان من سبتة. كما أثرت حرب تطوان (1859-1860) في تهجير الصناع والتجار.
رغم هذه التحديات، لم تختفِ الصنائع النسائية بتطوان، بل استمرت كأنماط معيشية وممارسات ضاربة في عمق الثقافة المحلية، تعزز الروابط الاجتماعية وتؤمّن دخلاً للأسر. ويؤكد الباحث جمال الدين العمارتي أن هذا الموروث يستحق التثمين باعتباره تراثاً ثقافياً غير مادي، يستوجب الصون والتوثيق والحماية، وفق ما تنص عليه اتفاقية اليونسكو التي صادق عليها المغرب سنة 2006.















