· حسن المولوع
تعيش النقابة الوطنية للصحافة المغربية أحلك ايامها، بعدما ظهر وزنها الحقيقي في الساحة، وأن الرواية المتكررة كونها النقابة الأكثر تمثيلية، دحضها الواقع ، إذ لم تستطع الدفاع عن أطروحتها المتعلقة بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر ، مفضلة التواري عن الأنظار حتى تهدأ العاصفة ،
ولم تجد معها او بجانبها أي “صحافي” من نوع “الصحافيين” الذين طالما تغريهم بامتيازات التخييم والسفريات ، وحضور الندوات والدورات التكوينية والفطور الجماعي ، وصداقات النفاق الإجتماعي وما إلى ذلك من الإغراءات على حساب المال العام
لم تجد نقابة البقالي من يدافع عنها ومن ينتصر لأطروحتها ويتصدى لتسونامي القوى المهنية من صحافيين وصحافيات غير منتمين للنقابة المذكورة ، والقوى السياسية الحية من وزراء سابقين وبرلمانيين ونشطاء حقوق الانسان ومختلف القوى الحية داخل المجتمع ، الذين استنكروا فضيحة ذبح الدستور بيد الوزير بنسعيد الذي ربما هو رهينة وهم بعض اعضاء النقابة …
كانت خيبة الأمل كبيرة والخسارة فظيعة ، لتكتشف هذه النقابة أنها “ميزات على العود الخاسر ” ، فلا توزيع بطائق القطار والبطائق المهنية أجدى نفعا بحكم ان رئيس هذه النقابة هو نفسه رئيس لجنة منح البطائق المهنية بالمجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته ، ولا الاغراءات والامتيازات التي تقدم للاشخاص الموالين أجدت نفعا ،
لأنها و بكل بساطة اختارت “جيشا من هذا النوع ” لا يستطيع الدفاع حتى عن نفسه ، فكيف له أن يدافع عن نقابة وهو ليست لديه القدرة على الكتابة ، فهناك من لا يستطيعون حتى كتابة تدوينة فيسبوكية ولا يفهمون ما يدور على الساحة ، وهناك من يستطيعون الكتابة ولكنهم يفضلون التواري عن الأنظار لأن الأمر لا يهمهم ويعتبرون ان ذلك مجرد صراع تنظيمات مهنية ،
وانهم يفضلون الاشتغال والاستفادة من الامتيازات ولا يدخلون في مثل هاته الأمور ، وللإشارة فأنا هنا ضمن هاته السطور أستثني بعض الغيورين والغيورات على القطاع ضمن هذه النقابة العتيدة التي نكن لها كل الاحترام والتقدير ولعدد من اعضائها ، فعندما ننتقد فإننا ننتقد تيارا معينا وليس الاعضاء جميعهم …
إن نقابة البقالي تتعامل مع الصحافيين وكأنهم مجرد “طالب معاشو ” ، ودائما تجدها عبر بلاغاتها او تصريحات بعض اعضائها ، تلعب على الوتر الحساس للصحافيين والصحافيات وأوضاعهم الاجتماعية ، واعتبار أن الصحافة مجرد صراع على الدعم ،
في حين أن صاحبة الجلالة اكبر من ذلك بكثير ، وان تلك الامتيازات التي تقدم للصحافيين لا ينبغي ان تستخدم لشرائهم او شراء صمتهم ، وقول اللهم إنا هذا منكر ، لأن تلك الأموال ليست من جيوب مسيري النقابة بل هي من المال العام ، والمال العام هو حق للجميع وليس لفئة دون أخرى ، والنقابة لم تكن يوما نقابة ميليشيات موالية ،بل هي نقابة الصراع والجدال الفكري، خدمة للصالح العام ، وليس خدمة للمصالح الشخصية، فمتى تحول الحق إلى امتياز ؟
وجدت النقابة نفسها معزولة عن محيطها بعدما انتفض المجتمع بأكمله ضد ما سمي باللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر ، إذ عبر وزراء سابقون لقطاع الاتصال، وهم مصطفى الخلفي والحسن عبيابة ومحمد نبيل بنعبد الله، عن رفضهم لتشكيل هاته اللجنة ، واعتبروا ذلك “كارثة حقيقية” و”نكسة” و”عجز”، داعين الحكومة إلى تدارك الوضع والتراجع عن هذه الخطوة والسير نحو تنظيم انتخابات للمجلس.
إن نقابة البقالي تخشى من تنظيم الانتخابات ، لسبب جوهري وهو خوفها من الهزيمة ،لان الرئيس البقالي بميزاجيته أفقدها وهجها وأن أكذوبة الأكثر تمثيلية مجرد حبر على ورق ، أكدها الواقع وزكتها الوقائع ،
فلو كان البقالي ويونس امجاهد متأكدان من الفوز وأن الصحافيين سيختارانهما ، لسارعا إلى تنظيم الانتخابات ، وعند فوزهما سيبقى لهما الوقت الكثير لاقتراح تعديل القوانين ، فهما في الحقيقة نالا عضوية المجلس بخدعة الصحافيين والصحافيات ،
إذ اننا جميعنا صوتنا على لائحة تضمهما وكان وكيل تلك اللائحة هو حميد ساعدني ، إذ صوتنا على هذا الأخير ، معتقدين أنه هو من سيكون رئيسا للمجلس الوطني للصحافة ، لكن حدث أن وقع الانقلاب عليه تماما كما وقع الانقلاب حاليا وتم السطو على مؤسسة التنظيم الذاتي….
أمام الانتفاضة ضد اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع و التي توصف بالعظمى ، لم تجد نقابة البقالي غير إصدار بلاغ “يتيم” مليئ بالمغالطات والاتهامات ، ويعد “شوهة ” في العمل النقابي ، حيث اعتمد على أسلوب التخويف والتخوين والتشكيك في الذمة المالية لبعض الصحف المنتمية للفدرالية المغربية لناشري الصحف ،
علما أن بعضا من تلك الصحف كانت قد طالبت في وقت سابق قيام قضاة المجلس الأعلى للحسابات بافتحاص الدعم المقدم للنقابة ، وهل حقق أهدافه المسطرة فعلا ام انه يتم توزيعه على الاصدقاء والخلان ، والموالين ( …) في اطار تقوية الكتلة الناخبة …
إن مثل هاته الاساليب دائما يحاول أصحابها الهروب إلى الأمام والابتعاد عن جوهر الموضوع ، وجوهر الموضوع في هذه النازلة هو ذبح الدستور ذبحا ، بإحداث لجنة مؤقتة غير دستورية و غير مستقلة عن المزاجية الحزبية وعن الحكومة ،
فاللجنة تضم كل من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال ، ومن اعتمد منطق التعيين هو وزير من الاصالة والمعاصرة ، ورئيس الحكومة من التجمع الوطني للأحرار ، والوزراء الذين انتقدوا اللجنة ، واحد من العدالة والتنمية ، والآخر من الاتحاد الدستوري ، وواحد من التقدم والاشتراكية ..
فما الذي يمكن أن نستنتجه من ذلك ؟
أن الصحافة وقعت ضحية صراع بين الأحزاب السياسية المذكورة ، وأضحت في خانة المزايدات السياسوية ، في حين أن فلسفة المجلس الوطني للصحافة تقوم على التنظيم الذاتي للمهنة بشكل يضمن الإستقلالية والشفافية ، بعيدا عن الأحزاب والحكومة التي دورها طبقا للدستور هو التشجيع وليس التعيين…
وللحديث بقية