ابن الريف والصحافي الدولي محمد أحداد يكتب عن الشاون
تنتشر صور شفشاون في كل العالم، بألوانها الزرقاء، ودروبها التقليدية ومعمارها الفريد. يأتي الأوروبيون يدخنون الحشيش الأصلي وينشرون تلك الصور العجائبية على الانستغرام مثلما نفعل تماما ويذهبون ويصدق الجميع أن الشاون، وهي تعني القرون بالأمازيغية، هي كل هذا.
خلف هذه الصورة تختفي الشاون الحقيقية. بين 2014 و2016 زرت الشاون أربع مرات. المرة الأولى لإنجاز تحقيق عن ضحايا العبيد السود، وكنت أول من يصل إلى هناك بمساعدة لا يمكن إنكارها من الجوط. ثم في مرة ثانية زرت باب برد وبني رزين لأنجز تحقيقا استقصائيا عن البنادق غير المرخصة. وزرتها بمعية الصديق Abdellah Nourou El Bouhdidi، وعرجنا على مدخل تامروث حيث صعد ريان إلى ربه، ثم عدنا إلى خميس لنصل لدوار إموكان، وبعدها رافقني لصديق Miloud Ferdaouss إلى دواوير عصية واجهنا فيها الخنازير والتضاريس لإثارة موضوع مؤرق هو الصراع حول المياه لاسيما المخصصة لسقي الكيف والاقتتال حولها واستفادة بعض البارونات منها.
لا أنسى أبدا تلك المرأة، التي وجدتها في حقل الكيف صباحا حاملة ابنها تحرث حقلا للكيف بمعية زوجها، اضطررتني لأغير زاوية المعالجة لتصير المبحوثين عنهم في قضايا الكيف. كلما تذكرت شهادتها، ينتهي حس الصحفي، وتنتهي تلك الرغبة في السؤال كما حدث مع والد إلياس أعراب في بني حمد إموزكن التي وصلتها حتى غفر الله كل ذنوبي.
بسطاء وجدوا أنفسهم في مواجهة قدر القنب الهندي، مصدرهم الوحيد للعيش لكن السلطة تلاحقهم. بسطاء يواجهون الشكايات الكيدية ويستغلهم السياسيون ضعاف النفوس في صراعات انتخابية بئيسة، وهم عاجزون لأنهم يواجهون تهمة سيزيفية: زراعة الكيف فقط لأن تقريرا أوروبيا صدر وسط التسعينيات رغم أنه هو المصدر الأول والأخير لإعالة أسرهم.
من يستفيد من كيف الشاون ومن كيف الحسيمة ومن كيف وزان؟
كبار المهربين: فرنسيون، إسبان، رومانيون، مغاربة، لكن حين تتكلم الصحافة الإسبانية والفرنسية تتحدث بطريقة أقرب إلى الغثيان أن هؤلاء المزارعين هم الجناة الذين يجب قتلهم.
كنت من المدافعين الشرسين عن تقنين زراعة الكيف من لدن الدولة لكن بشروط. أول خطوة يجب أن تقوم بها الدولة: العفو عن المبحوث عنهم، تنمية مستدامة، توفير بدائل للسكان عن الكيف، ومحاربة مافيات الاتجار الدولي للمخدرات الذين يمصون دماء البسطاء.