عطبٌ تقني أو لا ندري ما الذي حصل بالفعل مع السيّد مارك.
صباح يوم الاثنين الموافق للرابع من أكتوبر، كان الفايسبوك يعجُّ بالصّور والمنشورات والنقاشات بل وبالسباب والشتم كذلك.
سوقٌ يعرضُ فيه كلّ واحد بضاعته. عشرات ” الفنّانين” في الشرق الأوسط وفي شمال إفريقيا أخذوا شهادة السكنى في مواقع الوجود الاجتماعي فاستقروا في جِنانه الواسعة، تأتيهم القلوب المخضّبة بدماء معجبيهم و” إيموجي” الاستهجان” ممن يكرههم كرها شديداً من كلّ حدبٍ وصوبٍ.
لم يعد الأمر مجرد تواصل فحسب، القضية قضية وجود، حياة أو موت، هو صراع يومي هدفه الأسمى وغايته العظمى إثبات الذات وسط فيافٍ من المتنافسين، أو لنقل بصريح العبارة: المتقاتلين.
تَرى الواحد منهم لا يفارق هاتفهُ يدَه اليمنى، يستيقظ صباحاً ويبدأ في نشر كلّ كبيرة وصغيرة تخصّهُ حتّى يعلم متابعوه كل حركاته وسكاناته، مأكله ومشربه وملبسه. لقد نجح كثير منهم في جذب متابعين كثر، بينهم من هو في الحقيقة معجب ومن هيّ معجبة بذلك ” الفنان” أو تلك ” الفنانة”، أما آخرون، ففئة تتابعه لتُسمعهُ ما لذّ وطاب من الكلام السّاقط والتنمّر اللاذع، وفئة أخرى تتابع لا لشيء إلا من أجل معرفة ما يدور في زنزانة ” الفنانين” حتّى لا يُسمى جاهلاً ” بالمستجدات “.
قرّرَ الإله “زيّوس”، على حين غِرّة، معاقبة عبيدهِ الذين تمادوا في تكبرهم وعجرفتهم ، فأقفلَ زنزانتهُ التي خلقها لهم ليستمتعوا ويُمتعُوا بها وألقى بهم بينَ أنياب ” كرونوس” لتفتكَ بهم الوحدةُ وليقفوا مذلولين أمام مرآة الحقيقة والواقع وليشربوا من كأس التيهِ والضّياعُ. ساعات قليلةٌ بيّن لنا من خلالها ” زيّوس” أنّنا لا نملكُ تطبيقات WIF، بل نحن المملُوكُون.
ثارت ثائرتنا وانتفخت أوداجُنا وتسلّلَ إلينا الملل وتمكّن منا الضّجر والقنوط لأنّ اتصالنا بالعالم الواقعي- وليس الافتراضي- قد انقطع لساعات معدودات. بيدَ انّها كانت فرصة للكثيرين ليتعرّفوا على أفراد عائلاتهم وليتفحصّوا متاعَ البيوت التي تسكنُها أجسادُهم. تلك الواقعة كانت كفيلة ليتّضح لبعض من يقتاتون من سفاسِف الأمور وتوافِههَا ويسمّون أنفسهم زوراً وبُهتاناً” مؤثرين” أنهم أبطال من ورق صُنعوا من وَهمٍ . حقيقةً لقد تأثروا بقرار ” زيّوس” ولو أنّ الفطَامَ دامَ لعدّة أيامٍ لبَكوا بكاءَ الثّكالى. قالَ لهم زيوس” أنتم عبيدي وأنا إلهكم، فخير لكم أن تعرفوا قدرَكم. ربّما مقولة إنشتاين تنطبق علينا:”
أخشى أن يأتي يومٌ تتفوقُ فيه التكنولوجيا على قدرات الإنسان، إذّاك سنرى جيلا من الأغبياء الحقيقيّين”. نحن إذن في صراعٍ وجودي أضحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي جزءاً منّا، من وجودنا، من هويّتنا؛ بل هناك من لا يتخيل وجوده في غياب زنزانة W I F: watshap-. Instagram. Facebook