انتقد كزافييه درينكور، السفير الفرنسي السابق في الجزائر خلال الفترة الممتدة ما بين 2008-2012 و2017 -2020، ومؤلف كتاب” اللغز الجزائري.. مذكرات سفارة في الجزائر” ،
في مذكرة صدرت مطلع الشهر الماضي حملت عنوان ” الرهان الجزائري لمانويل ماكرون، الأوهام، الأخطار، الأخطاء”، الرهانات السياسية الخاطئة للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون والتي تجعله يضع البيض الفرنسي في قفة واحدة، مما جعل العلاقات الفرنسية المغربية تشهد برودا وجفاء غير مسبوقين منذ الأزمة التي تلت اختطاف الزعيم السياسي المغربي المعارض المهدي بنبركة فوق الأراضي الفرنسية في أكتوبر 1965.
الحسابات الفرنسية
حدد السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر أربعة اعتبارات رئيسة تكمن خلف الرهان الجزائري لماكرون وتتمثل في:
أ– التزود بالغاز: يذهب العديد من المحللين إلى كون الرغبة في إقامة علاقة متميزة مع الجزائر مرتبطة بالحاجة إلى ضمان تزويد السوق الفرنسية بالغاز مع تنويع مصادره في ظل الأزمة الأكرانية. لكن المفارقة، حسب كزافييه درينكور، تتمثل في كون الجزائر لا تلبي أزيد من 8 % من حاجيات السوق الفرنسية من الغاز، علما أن الجزائر لا تتوفر على الإمكانيات التقنية الضرورية لمضاعفة إنتاجها .
ب- المبادلات التجارية: بالرغم من كون قيمة المبادلات التجارية ما بين البلدين تبلغ 11 مليار دولار سنويا، فإن الجانب الفرنسي، حسب السفيردرينكور، يتناسى تأثير المنافسة الشرسة للصين وتركيا وبدرجة أقل إيطاليا، علما أن الجزائريين يضعون نصب أعينهم العامل السياسي لدى إبرام أو إلغاء العقود التجارية الضخمة.
ج- صفقات التسلح: تعتمد الجزائر في سلاحها الجوي والأرضي على روسيا، وفي عتادها البحري على ألمانيا، وعلى إيطاليا قصد الحصول على الطائرات الخفيفة، في حين لا يتعدى نصيب فرنسا الفتات من المبالغ الضخمة التي تنفقها الجزائر على تسليحها، إذ تقتني من فرنسا الرادارات والأجهزة تحت الحمراء.
من جهة ثانية يسجل درينكورأن التعاون المخابراتي ما بين البلدين لم يشهد تقدما يذكر رغم التواجد الفرنسي في مالي.
د- ملف الهجرة: يعود الاتفاق الفرنسي الجزائري الذي يؤطر العلاقات ما بين البلدين في مجال الهجرة إلى 27 دجنبر 1968 الذي بموجبه تمنح تسهيلات كبيرة للجزائريين، مقارنة مع باقي الشعوب، في مجال التجمع العائلي والإقامة ومزاولة المهن. وتبقى الجزائر المستفيد الأول من تلك الاتفاقية في حين تطالب بعض القوى السياسية الفرنسية بمراجعته وتحيينه.
انطلاقا من تلك الحسابات تتبع الحكومة الفرنسية سياسة الصمت إزاء خروقات حقوق الإنسان بالجزائر كما كان عليه الأمر بالنسبة للصحفي إحسان القاضي أو رجل الأعمال الجزائري سعد ربراب لكونه شارك في تظاهرات الحراك ودعم مرشح نافس تبون خلال الانتخابات الرئاسية.
في ختام ورقته يسجل السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر كون “برودة العلاقات مع المغرب لا تقابلها مكاسب ملموسة من الجانب الجزائري”، ويعتبر أنه يتعين على الديبلوماسية الفرنسية التفكير في خلق إطار إقليمي جديد (3+3) يضم الجزائر والمغرب وتونس إضافة لكل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، يساعد على فتح أبواب الحوار ما بين دول المنطقة ومعالجة الملفات ذات الاهتمام المشترك من قبيل الهجرة والأمن والطاقة.