في ظل انتخابات حديثة وتنصيب حكومة جديدة، ومشروع واعد يتعلق بالنموذج التنموي الجديد، تعكر صفو هذه الأجواء الإيجابية أخبار عن اعتقال مسؤولين كبار متلبسين بتسلم رشاوى، حيث في ظرف وجيز تم إلقاء القبض على برلماني بتهمة تسلم 40 مليون كرشوة منذ 3 أيام، ليتم اليوم القبض على مسؤول سامي بنفس التهمة ويتعلق الأمر بالمدير العام للوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء الحديث التعيين بفاس قادما من وجدة.
ولربما ما خفي أعظم. إن الجرائم المتعلقة بالرشوة، خصوصا في صفوف كبار المسؤولين تمس بشكل كبير مصداقية المؤسسات وتؤثر على السمعة الخارجية وبالتالي على جلب الاستثمارات.
صحيح أن الدولة انتبهت لهذه الآفة المجتمعية عبر تفعيل مجموعة من الآليات كسهولة التبليغ عن الجرائم المتعلقة بالرشوة من خلال ما يعرف بالرقم الأخضر، وكذلك وضع الملصقات بكل الإدارات لتحسيس المواطنين بأهمية الابتعاد عن إرشاء العاملين في كل القطاعات.
مع ذلك يأبى البعض أن يتخلى عن هذه العادة السيئة، ويتحايل على كل الإجراءات من أجل تسلم أموال بالباطل.
لذلك يجب الاستفادة من تجارب بعض الدول في هذا المجال عبر استخدام التكنولوجيا الحديثة في تكريس الشفافية من جهة، وتشديد العقوبات على المخالفين من جهة أخرى.
وكمثال على ذلك فالموظف في الصين أو اليابان أو الكوريتين سيفكر ألف مرة قبل قبول رشوة لأن العقوبة قد تصل للسجن المؤبد أو الإعدام.
قد يكون في هذه العقوبات مبالغة لكن على الأقل يجب الرفع من العقوبات بما في ذلك التحفظ على أموال المسؤولين والموظفين عموما في حال ثبت تربحهم بطرق غير شرعية تطبيقا للمبدأ الدستوري الذي يقضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن التنمية الحقيقية تستوجب الرفع من روح المواطنة والتعبئة الشاملة لمحاربة أمراض المجتمع كالرشوة لأن ذلك أساس البناء المتين وتحصين للمال العام ولحقوق المواطنين.