لطالما ركز الملك على تقوية الجبهة الداخلية ، يقينا منه بأن قوة هذه الجبهة لن تتأتى بدون دمقرطة حركية المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية . والدولة مدعوة في هذا الصدد إلى تبني استراتيجيات جديدة ، تهدف إلى تقوية الجبهة الداخلية ، لأنها ــ وكما علمنا التاريخ ــ تعفينا من التبعية للقرار الأجنبي ( مثلا : اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء .. إقرار اسبانيا وألمانيا بجدية الحكم الذاتي.. .مواقف فرنسا الحربائية…) كلنا يعلم أن الاعتراف هو نتيجة حتمية للنصر وليس العكس ، فكفوا عن ترديد أسطوانة الاعتراف ، لأنه يعلي من شأن المعترف ،و يذل المعترف لصالحه … الأجداد لم يولوا كبير اهتمام إلى هذا الهراء ( الاعتراف) بقدر ما اهتموا بتوحيد الجبهة الداخلية ، وفق قواعد العدالة الإجتماعية مما تراكم لديهم من أعراف محلية وقواعد دينية وتجارب تاريخية…..ففتح الاندلس 92 هـ
وعبور يوسف بن تاشفين إلى الضفة الشمالية (الزلاقة) وبعده يعقوب المنصورالموحدي( الأرك)
وما حققاه من صدى أطبق آفاق
أوروبا المسيحية ، وملحمة وادي المخازن المجيدة …..هذه الانتصارات لم تكن لتحصل لولا متانة الجبهة الداخلية ، انتصارات كان من نتائجها المباشرة الاعتراف بالمغرب كقوة إقليمية…إذن فالنصر يحقق الاعتراف ،أما الاعتراف فلا يحقق النصر .
تأسيسا على ما سبق ، يمكن القول أن تعامل الدولة ، سواء مع عملية توسيع قاعدة الديموقراطية او مع مواجهتها للوبيات الفساد المالي ، يجب ألا يكون تعاملا ظرفيا وبراغماتيا ، وإنما يجب أن يرقى إلى مستوى القناعات الراسخة والالتزامات الاستراتيجية ، و هنا لاشك أنها ستحصل على دعم جماهيري واسع وثابث (ملف إسكوبار الصحراء نموذجا ) شريطة دعوة الحكومة إلى تحرير المواطنين من كل أشكال التضييق والإسكات والتخويف بقرارات جائرة ( ملف التعليم نموذجا )
فحرية التعبير ،والحق في التنظيم ، والحق في الاحتجاج، والحق في المشاركة، والحق في النقد ،كلها ادوات الديموقراطية ولبنات جدار الجبهة الداخلية