هل هناك تلازم بين إشكالية الوحدة ، واستراتيجية البناء الديمقراطي…..؟ بديهيا الجواب لن يكون إلا بالإيجاب ، لأن الوحدة الترابية أولا هي ضرورة تاريخية وحضارية ومطلب شعبي متواصل ، وهي تانيا عملية ثورية تقتضي تغيير مختلف الهياكل التي ينطوي عليها المجتمع سواء السياسية أو الاقتصادية أوالاجتماعية أوالثقافية ، لأن أخطر معوق من معوقات تحقيق الوحدة هو تجاهل المطلب الديموقراطي في علاقة الدولة بالمواطنين.
لم ولن تتحقق الديموقراطية بدخول الأعيان ورجال المال إلى البرلمان ((ملتقى النخب ومركز التشريع )) . لقد أتبث الزمن أن رهان الدولة على هؤلاء وفرضهم على الأحزاب لإضعافها لم يخدم الديموقراطية ،ولم يخدم الدولة على حد سواء ، وإنما خلق كيانا جديدا جشعا فاسدا يسعى بشكل حثيث الى التسلل الى هياكل الدولة ومراكز القرار .
إن الوحدة الترابية تمر عبر طريق الديمقراطية الداخلية ، والديمقراطية تمر حتما عبر قطع دابر الفساد . لقد أبانت الدولة لحد الآن على قدرة في تدبير أحد ملفات الفساد الرائجة حاليا فيما بات يعرف في الوسط الصحفي ب ﴿ إيسكوبار الصحراء ﴾،وهنا يطرح سؤال الديموقراطية بقوة، وتكون الأجهزة المعنية بالتحقيق ومتابعة الملف خاضعة لسلطة الرأي العام الوطني والدولي الذي ينشد الشفافية والنزاهة والحياد .
إن المجتمع المدني مدعو الى البحث عن استراتيجية جديدة للعمل الاجتماعي ، وللعمل النقابي تسترجع الثقة المفقودة ، لأن حبل ثقافة التطبيل والتجييش قصير ولا يخدم الوطن في شيء ولا حتى مشروعه الوحدوي بقدر ما يثبث أرجل الانتفاعيين الفاسدين في الحقلين الجمعوي والنقابي.
إن المغرب عبر تاريخه الممتد الى ما يزيد عن 12 القرن ، تمتع مغاربيا على الدوام بالريادة على مستوى المبادرة ، فعلى المجتمع المدني ان يتخلص من القطرية الضيقة وينخرط في رحاب الصرح المغاربي وفي رحاب العمق الافريقي ، ومن خلال تجربتها كرابطة مغربية للمواطنة وحقوق الانسان ،بانخراطنا في اللجنة الافريقيه لحقوق الانسان والشعوب ، وما يجري على هامش ملتقياتها نصف السنوية ، أيقنا أن للمغرب كافة فرص النجاح سياسيا واقتصاديا بفعل التأثير الثقافي والديني الذي مارسه الأجداد هناك من خلال
الزوايا الطرقية والبعثات التعليمية ، والقوافل التجارية بدعم من إمارة المؤمنين ، لهذا نبهنا في حينها إلى خطورة سياسة الكرسي الفارغ الذي نهجته الدبلوماسية المغربية سنوات قبل 2017 ….لقد عاد المغرب إلى حظيرة الاتحاد الأفريقي ، وبالموازاة مع هذه العودة انخرطت الفعاليات المالية والاقتصادية المغربية في صلب الهياكل الاقتصادية الأفريقية ، وننتظر اقتحام المجتمع المدني لهذا المجال غير العصي علينا، لأنه ببساطة هو صمام امان استمرار الرأسمال المغربي هناك: المادي واللاماد…
· يتبع غدا