مع انطلاق فعاليات المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، يعود الجدل حول الدعم السينمائي الذي يُعتبر شعاراً من شعارات الفخر الوطني.
لكن مع كل فيلم يُعرض، يتضح أن الملايين تُنفق على الورق، بينما ما يظهر على الشاشة قد يجعلك تشعر أنك تشاهد مشهداً من عرض مسرحي بمدرسة ابتدائية.
في مهرجان يُفترض أن يكون منصة لعرض الإبداع، نجد أنفسنا نتساءل: هل الدعم مُخصص للفن أم لخلق أوهام سينمائية تتبخر قبل أن نصل إلى نهاية الفيلم؟ يبدو أن الحقيقة تتجلى في كل مشهد، حيث يتم الاحتفاء بالأحلام بينما تظل الموهبة محصورة بين جدران الميزانيات الضخمة.
“السينما المغربية: تجارب فاشلة أم تحف فنية؟”
عندما نتحدث عن الدعم السينمائي، من الصعب أن نتجاهل بعض النماذج التي تثير الضحك أكثر من الإعجاب. مثلاً، هناك تلك الأفلام التي يُفترض أنها تتناول قضايا اجتماعية عميقة، لكنها تقدم لك حواراً يبدو وكأنه نُقل مباشرةً من دردشة بين أصدقاء في مقهى.
وكمثال آخر، هناك الفيلم الذي تم تصويره بأماكن خالية تماماً، وكأن المخرج قرر أن يعبر عن العزلة بتصوير مشهد فارغ من الحياة. لكن المفاجأة كانت في ميزانية الإنتاج الضخمة، بينما النتيجة النهائية كانت تُظهر لنا كيف يمكن للدعم أن يحول الأفكار الجيدة إلى تجارب فاشلة.
وفي بعض الأحيان، نجد أفلاماً تقدم مشاهد “مؤثرة” جداً، ولكنها تبدو وكأنها اقتُبست من شريط إعلاني رديء. وهذا يطرح السؤال: هل الدعم السينمائي يُعزز من الإنتاج الفني حقاً، أم أنه يُخرج لنا مزيداً من “الأفلام التي لا تتحدث إلينا”؟
“إلى المخرجين المحظوظين: شكرًا على الدعم… وأين الأفلام؟”
أعزائي المخرجين الذين حصلوا على الدعم السخي، نود أن نوجه لكم هذه الرسالة الصغيرة: شكراً لكم على استغلال الميزانيات المخصصة للسينما، لكن أين هي الأفلام التي كنا ننتظرها؟ هل أنتم مشغولون بإنتاج أفلام ستدخل التاريخ، أم أنكم في رحلة بحث عن كيفية إنفاق تلك الأموال بطريقة تضمن لكم أقصى قدر من الراحة دون أي جهد؟
نعلم أن الدعم لم يكن مجرد ورقة، بل كان فرصة لإحداث تغيير حقيقي، لكن يبدو أن بعضكم اعتبره تذكرة لدخول عالم الفوضى السينمائية. ننتظر بفارغ الصبر تلك الأعمال الرائعة التي ستجعلنا نشعر بالفخر، لكننا نجد أنفسنا في انتظار عرض آخر من “السينما بلا روح”.
لذا، إذا كنتم تعتقدون أن كافياً تصوير مشهدين في مقهى محلي ثم كتابة “إخراج: مخرج محظوظ” على الشاشة، فنحن نعتذر، لكننا نبحث عن شيء أكبر من ذلك بكثير!
“إلى المنتجين والمركز السينمائي: فين هي السينما المغربية؟”
إلى السادة المنتجين في المركز السينمائي المغربي، يبدو أنكم مشغولون جداً حتى نسيتم معنى السينما! هل الدعم الذي يحصل عليه بعضكم مُخصص للإبداع أم لتصوير الأفلام التي تجعلنا نشعر باليأس؟ يبدو أن ميزانية الأفلام تُنفق على أشياء أخرى غير الأفكار الجيدة.
عندما نشاهد أعمالكم، نتساءل: هل تسعون لتقديم فن حقيقي أم مجرد منتجات تفتقر إلى المضمون؟ مشاهد مكررة، شخصيات بلا عمق، وحوارات لا تُعبر عن واقعنا. بدلاً من أن نرى قصصاً تعكس ثقافتنا وهمومنا، نجد أنفسنا نواجه مشاهد تجعلنا نندم على وقتنا.
ألا تعلمون أن السينما ليست فقط أضواء وكاميرات، بل هي رسالة وقصة تُحكى؟ نحتاج إلى أفلام تُشعرنا بالفخر، وليس فقط عناوين تُضاف إلى قائمة طويلة من الأعمال التي تُنسى بسرعة.
“مخرجين مغاربة وكتّاب بليدون: شكون غادي يكتب السيناريو؟”
في عالم السينما المغربية، نرى ظاهرة غريبة: المخرجون الذين يكتبون السيناريوهات، وكأنهم يعتقدون أن الإبداع يُختصر في تولي جميع الأدوار بأنفسهم! المشكلة تكمن هنا، حيث يكتشفون أن كتابة السيناريو ليست مجرد إضافة حوارات هنا وهناك، بل هي فن يتطلب تفكيرًا عميقًا وابتكارًا حقيقيًا.
ومع كل فيلم يُعرض، نواجه أزمة حقيقية في كتابة السيناريو، حيث تبدو القصة كأنها نُسخت من أفلام سابقة دون أي جهد لتجديد الأفكار. وعندما ننظر إلى الكتّاب، نجد أنفسنا في أزمة أكبر، إذ يعاني الكثير منهم من فقر في الإبداع، مما يجعلنا نتساءل: هل لدينا فعلاً كتّاب يقدرون على تقديم أفكار جديدة، أم أننا محاصرون بأصوات مكررة؟
المخرجون، بدل أن يركزوا على تطوير السيناريو، يظلون مشغولين بالتوجيه والضغط على الممثلين، وكأنهم نسوا أن النص هو الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء. إذا كان الإبداع يتطلب التخصص، فربما حان الوقت لتحديد الأدوار بوضوح. هل يجب على المخرجين أن يكونوا كتّابًا أيضًا، أم يجب عليهم الاستعانة بكتّاب محترفين لإنتاج سيناريوهات تتجاوز العادية؟ لأننا نريد أن نرى أعمالاً تُشعرنا بالدهشة، وليس مجرد تجارب فاشلة تُعيد إنتاج نفس الأفكار بلا روح. السينما تحتاج إلى تنوع وتعاون حقيقي بين الكتاب والمخرجين، لنُعيد للسينما المغربية رونقها ونخرج من دائرة الأزمات المتكررة!
“حلول من ذهب لأزمة السينما: كيف ننهض بفن السابع؟”
للتخلص من المشاكل المتعددة التي تعاني منها السينما المغربية، يبدو أن الحلول بسيطة ولكنها تتطلب بعض الجرأة. أولاً، لماذا لا نفكر في إنشاء ورشات عمل حقيقية تضم مخرجين، كتّاب، وممثلين لمناقشة الأفكار وتبادل التجارب؟ بدلاً من أن تبقى الورشات أماكن للنوم، يمكن أن تُصبح مركزًا للإبداع والنقاشات المثمرة.
من جهة أخرى، حان الوقت للاستعانة بكُتّاب محترفين وذوي خبرة، فالمشاكل لا تقتصر على الكتابة فقط، بل تشمل أيضًا الإخراج والإنتاج. مثلاً، المخرجة أسماء المدير قدمت لنا فيلم “كذب أبيض”، وهو وثائقي يحكي عن سيرتها الذاتية، ويظهر كيف يمكن أن تكون الكتابة الجيدة والإخراج المحترف مدخلاً لعمل سينمائي قوي. في المقابل، يُظهر فيلم “عصابات” لكمال الأزرق كيف أن وجود فكرة مبتكرة وإنتاج احترافي يمكن أن يصنع الفارق.
لا يمكننا إغفال أن هناك حاجة ملحة لتحسين عمليات الإنتاج والتوزيع، فالكثير من الأفلام تبقى حبيسة الأدراج دون أن تُعرض على الجمهور. كما يجب أن يُشجَّع التعاون بين المؤسسات الخاصة والعامة لتوفير الدعم اللازم للمواهب الصاعدة.
إذا كنا نريد أن نعيد للسينما المغربية رونقها، علينا أن نبحث عن طرق جديدة لإعادة بناء المشهد السينمائي، ونُشجع الجميع على التعاون لتحقيق نتائج تُبهر الجمهور، بدلاً من الاكتفاء بتكرار نفس الأخطاء القديمة.
“مهرجان الفيلم: أفلام بلا طعم وضياع في المقاهي!”
انطلق المهرجان الوطني للفيلم في طنجة، لكن المفاجأة أن معظم الأفلام المعروضة تبدو كأنها أُخرجت من علب مكسورة! ورغم الجهود المبذولة، لم تُعطَ العديد من الأعمال حقها في الإبداع، مما جعل الجمهور يتساءل عن معيار الجودة في الاختيارات.
ومع حضور المخرجين والمنتجين والممثلين، يبدو أن معظمهم يستغل المهرجان بشكل خاطئ، حيث تتركز أنشطتهم في تبادل الأحاديث الجانبية في المقاهي بدلًا من تعزيز الفنون. ومع استمرار المهرجان، تبقى التساؤلات تتزاحم: هل سنشهد أفلامًا تستحق المشاهدة، أم سنبقى نراقب المخرجين والممثلين يضيعون الوقت في جلسات غير مثمرة؟ في النهاية، يبقى الأمل معلقًا على أن يتحول هذا المهرجان من مجرد زيف إلى منصة حقيقية للفن والإبداع.