تميز الدخول السياسي لسنة 2024 بخطاب جلالة الملك بمناسبة افتتاح البرلمان يوم الجمعة 11 أكتوبر الجاري والذي أولى فيه أهمية كبرى لملف الصحراء المغربية “باعتبارها القضية الأولى لجميع المغاربة”.
كما أن الدينامية الإيجابية التي عرفتها هذه القضية من خلال المواقف والاعترافات الداعمة لمغربية الصحراء من طرف عدد كبير من الدول كانت واضحة في الرسائل التي حملها الخطاب الملكي. هي إذن رسائل موجهة لكل القوى الفاعلة والحية بالمملكة من أجل مزيد من الإنخراط في مسلسل دعم ملف الصحراء من جميع المناحي.
رغم كل ما تحقق يقول جلالة الملك ” فإن المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع، المزيد من التعبئة واليقظة، لمواصلة تعزيز موقف بلادنا، والتعريف بعدالة قضيتنا، والتصدي لمناورات الخصوم”، داعيا إلى “تضافر جهود كل المؤسسات والهيآت الوطنية، الرسمية والحزبية والمدنية، وتعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها وتحركاتها”.
وبعد أسبوع من خطاب الملك أمام البرلمان ترأس جلالته يوم الجمعة 18 أكتوبر الجاري ، مجلسا وزاريا، خصص للمصادقة على مشروع قانون المالية برسم سنة 2025، كما تم الكشف عن أسماء لدبلوماسيين وولاة وعمال وكفاءات عينهم جلالة الملك في مناصب عليا.
ويتمحور مشروع قانون المالية حسب الوزارة المعنية حول “أربع أولويات، تشكل كل واحدة منها رافعة لتعزيزالتماسك الاجتماعي، وتحصين السيادة الاقتصادية، وتحقيق شروط الازدهار”.
وتروم التوجهات العامة لمشروع القانون المالي “تعزيز وقع الاستراتيجيات المعتمدة في مسار التنمية، وتحقيق انتعاش اقتصادي قوي، مع تسجيل معدل نمو يصل إلى 4,6% خلال سنة 2025، وحصر معدل التضخم في حدود 2%.”.
ولتفعيل ورش الحماية الاجتماعية ، تم تعيين وفاء جمالي، في منصب المديرة العامة للوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي وهي المؤسسة التي تسهرعلى تدبير نظام الدعم الاجتماعي المباشر وتتبعه وتقييمه بهدف الرفع من فعاليته.
غير أن هذه المنظومة التي ترتكز على توفير الحماية الاجتماعية لفئات واسعة من المجتمع اصطدمت بمجموعة من المطبات أدت إلى حرمان مجموعة من الأسر المعوزة من هذا الدعم بعد ما استفادت منه لأشهر قليلة جدا، فتحولت آمالها وأحلامها إلى آلام ومعاناة .
انتقادات وشكايات متعددة طالت هذا الملف الاجتماعي يقول عبدالله ” حين توصلت بالدعم فرحت كثيرا أنا وأسرتي واستطعت ان أنخرط بفضل هذه المبادرة في نظام التأمين الصحي الإجباري (AMO) لكنني تفاجأت وصدمت بتوقيف الدعم علما أنني المعيل لأسرتي.
وهنا أستحضر سيدة أرملة مسنة كانت مضطرة لإجراء عملية استعجالية على مستوى العين بمصاريف مكلفة وكاد عدم توفرها على التأمين أن يحرمها البصر لولا التدخل العاجل ومؤازرة الأهل والاحباب لإنقاذها من براثين منظومة اجتماعية تستوجب إعادة النظر والتوقف كثيرا عند مكامن الخلل لتحقيق تنمية مستدامة يتنفس من خلالها المواطن البسيط الصعداء بعدما أنهكته فواتيرالمرض ناهيك عن الغلاء الذي اكتوت بلهيبه جيوب الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود ولم تسلم منه حتى الفئات المتوسطة.
إن تولي وفاء جمالي لمنصب المديرة العامة للوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي يضع على عاتقها مسؤولية كبيرة بخصوص ملف شائك يثير جدلا واسعا في صفوف الأسر المعوزة بالنظر إلى المشاكل المطروحة وتوالي شكايات المتضررين والمحرومين من هذا الدعم.
فهل ستنجح الحكومة ومعها الفاعلون الاجتماعيون في رفع التحديات التي يحفل بها السياق الوطني والدولي والعمل بجد للإستجابة لانتظارات المواطنين الذين سئموا من الوعود والبرامج المتكررة ؟! أم أن الوضع سيبقى كما هو عليه أو ربما قد يزداد سوءا وتأزما في حال لم يتحرك ذوو النيات الصادقة والحس الوطني لا سيما وأن المغرب مقبل على أوراش كبرى تقتضي مزيدا من التعبئة والعمل المشترك؟