“في ظل المعرفة الجديرة بالاخر فإن الثراث يتخد بعدا عميقا مما يمنحه من فرص للخلفيات الثقافية والتاريخية والانسانية جمعاء والانطلاق منها للدفاع عن قيم التعايش والتسامح كما ان هذه المعرفة تحمّل المتتبع للشأن الثقافي مسؤوليات جسيمة لحماية هذا الثراث بكل اشكاله والحفاظ عليه للأجيال المقبلة “
بهذه الكلمة المقتطفة من نص الرسالة السامية ،التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس الى المشاركين في الدورة الثالثة والعشرين للجنة الثراث العالمي .وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية ، لجلالة الملك في الاهتمام بالثراث والثقافة وانطلاقا من حرص المجمع الوطني للثقافة بكافة أعضائه ، على ان تكون له بصمة مميزة على المستوى الثقافي ، وعمل المجمع على افتتاح البرنامج الثقافي بنشاط نوعي السبت 07من يناير الجاري ، ليكون أداة فعالة ثقافيا واشعاعا يستمر للاجيال الصاعدة.
وقد اختار منصة انطلاقته التأسيسية ، عمالة الحي المحمدي عين السبع ، بمقاطعة الصخور السوداء لما عهد فيها من حب الثقافة والمتقفين في شخص السيد رئيس مقاطعة الصخور السوداء.
في كلمة لرئيس المجمع الوطني، الدكتور نبيل الصافي ، رحب فيها بالحضور و سعى من خلالها الى التركيز على شعار الدورة ” الدبلوماسية الثقافية” ، باعتباره موضوعا يفرض ذاتيته وراهنيته في المجتمع ،لمايطبع الدبلوماسية الفكرية من مرونة وقابلية لتبليغ رسائل الثقافة داخل المجتمع وخارجه. ومؤكدا على أن هذا الموعد الذي جمع بين شخصيات وازنة وطنيا ودوليا من مفكرين،دكاترة،أساتذة جامعيين ،رؤساء جمعيات ، ادباء، شعراء ،صحافيين وإعلاميين والذين حجوا من عدة مدن مغربية ، لتجتمع الفكرة وتتولد الخطة للسير قدما بالثقافة المغربية نحو الابداع، والتأثير بالعالم الخارجي .
وقد عرف المؤتمر مشاركةأكثر من 30مؤتمرا ومؤتمرة، يمثلون جهات مختلفة من المملكة، ومسارات ثقافية مختلفة أيضا، ناقشوا خلالها مجموعة من المواضيع الثقافية ، والتي تحدد الرؤية المستقبلية للمجمع والخطط الاستراتجية الناجعة لتحقيقهافي تناغم تام مع المشاريع الدبلوماسية العامة .
في الجلسة الاولى ، ركز الاستاذ الباحث التهامي شويكة، مسير المؤتمر، على حضور الثقافة عبر التاريخ، في العلاقات الدولية ، والتي يمكن أن يزيد أو ينقص منسوبها وقوة إشعاعها، حسب الظروف والسياقات ،فإما ان تستفيد الانسانية من ذلك ، واما أن تزداد الصراعات والنزاعات العنصرية بين الدول .وقد دعا الى تجديد القواعد بقوة وآليات ناعمة حتى تستطيع مواكبة التأثير الثقافي العالمي.
تعددت المشارب الثقافية في الدورة التأسيسية للمؤتمر ، وتحددت في محاور ثلاثة ؛ مفهوم الدبلوماسية الثقافية ، تعدد مجالاتها والترافع من أجل المثقف والثقافة.
الدكتورة رقية اشمال في مداخلتها في كيفية جعل التطوع آلية للدبلوماسية الثقافية، اكدت على ان الثقافة تحتاج الى تناقح الافكار وتضافر جهود
الاخرين،بالاضافة الى الانفتاح على استراتيجية القوة المرنة، لاستثمارها في المخزون التطوعي لخدمة القضية الوطنية.
بينما أكد الأستاذ المؤطرفي الرسم والأسطر البينيةالسيد بوخانة ، في تدخله عن الكيفية التي يمكن للفن ان يخدم بها الدبلوماسية الثقافية،كما أكد أن الحرف العربي هوأجمل حروف الدنيا، حيث انه أينما ظهر بهر ،وذلك لإقبال جنسيات مختلفة من العالم ،على تعلمه والتفنن في تقنيات كتابته على مر التاريخ، ويعتبر بذلك قاطرة لانتشارالثقافة العربية المكتوبة .
الأستاذوالصحفي بوشعيب الحمراوي اكد على ما تمت المطالبة به في المعهد الوطني للصحافة والاعلام وهو مرصد وطني للدفاع عن الوحدة الترابية والاهتمام بالشأن الوطني والترافع عن القضايا التي تهمه، وكذا التصدي لكل ما يمكنه ان يمس ثراث المغرب .
اما الباحث في التواصل السياسي الدكتور جمال فكري، فقد حددالهدف من الدبلوماسية الثقافية في كونها تعمل على تقريب وجهات النظر السياسية العامة للبلد اتجاه سياسات اخرى في المنتديات الدولية حيث
تعمل معظم البلدان وبأساليب وطرق منظمة على انتهاج سياسة ثقافية خارجية واعية تهدف إلى تنفيذ مهام سياساتها الخارجية.
الشاعرة ورئيسة جمعية اطفال العالم للعمل التطوعي زهرة لمهاجي ، ربطت فوائد العمل التطوعي بالدبلوماسية الثقافية لكونه، يصب في منحى التعاون الاجتماعي الثقافي للسير بسياسة البلد وثقافتها قدما .
وفي ختام هذه الجلسة تم التأكيد على ان الدبلوماسية الثقافية، هي تبادل للأفكار والمعلومات والفن وغيرها من جوانب الثقافة بين الأمم لتعزيز التفاهم المتبادل، وتشكل عنصراً هاما في الجهود الدبلوماسية الأوسع نطاقا، وتحتوي ببساطة على كل ما تفعله الأمة لتعريف نفسها بالعالم.