الجزء الأول
في هذا الحوار الذي أجراه موقع ” لوبوكلاج” مع القيادي اليساري الحبيب التيتي ، الكاتب الوطني بالنيابة لحزب النهج الديمقراطي، ورئيس تحرير الجريدة المركزية (جريدة النهج الديمقراطي), تحدث المعتقل السياسي السابق الذي حكم ب 20 سنة سجنا نافذا ، عن العملية الإنتخابية بالمغرب و عن الإعلام العمومي الرسمي المواكب لهذه الإنتخابات و حرمان حزب النهح الديمقراطي من التعبير عن رأيه الذي يدعو فيه لمقاطعة الإنتخابات التشريعية المقبلة.
- البدايات
- 1973: الانتماء لمنظمة إلى الأمام
- 1976: سنة الإعتقال
- 1977: بداية المحاكمة
- الحكم: 20 سنة، قضى منها 14 سنة
- 1989: مغادرة السجن
بعد ذلك، ساهمت مع مجموعة من المناضلين في بناء حزب النهج الديمقراطي ( و هو تجميع المناضلين في حركة الماركسية اللينينية و مجموعة من المناضلين في جمعيات و نقابات يسارية و عناصر من حركة إلى الأمام ).
التحقت بالنهج الديمقراطي ( الذي تأسس في أواسط تسعينيات القرن الماضي وبالضبط سنة 1995) في عام 1999، و كانت أيضا حملة لتجميع مجموعة من اليساريين.
شاركت في المؤتمر الأول سنة 2004، لان النهج قضى حوالي عشر سنوات بدون ترخيص قانوني من وزارة الداخلية .
نحن الآن نحضر للمؤتمر الخامس الذي كان من المفروض ان ينعقد في سنة 2020، لكن جائحة كورونا حالت دون ذلك.
يشغل الطالب سابقا بالمدرسة المحمدية للمهندسين بالعاصمة الرباط، حاليا نائب الكاتب الوطني للنهج الديمقراطي مصطفى براهمة.
- أنتم تقاطعون الإنتخابات منذ نهاية التسعينيات و بالضبط منذ سنة 1997، ما موقفكم من الانتخابات في المغرب؟
بشكل عام يمكن للإنتخابات أن تكون سلاحا بيد الشعوب والطبقات الاجتماعية المقهورة، التي تهدف التغيير من أجل تحقيق بعض الأهداف ، و لكن بالنسبة للمغرب لا يمكن تحقيق ذلك، نظرا لغياب الإرادة السياسية و غياب الشروط الموضوعية لذلك.
كما يمكن أن تكون الإنتخابات وبالا و مصيدة للطبقة العاملة و باقي الفئات المستضعفة.
الإنتخابات ليست دائما في يد الجماهير الشعبية التي يمكن أن تستعملها بطريقة سلسة.
في اعتقادنا يجب ان تخضع العملية الإنتخابية لتحليل دقيق و ملموس من طرف الجهة المنظمة للإنتخابات و أيضا الجهة المشاركة فيها .
ان نشارك أو لا نشارك نحن كنهج ديمقراطي، ليس هذا هو السؤال. الإنتخابات يجب أن تخضع لهذا التحليل. الإنتخابات سلاح يمكن استخدامه كما يمكن رفضه.
الحركة الشيوعية لم يكن لها دائما موقف من المشاركة المبدئية أو موقف الرفض المطلق.
هناك شروط موضوعية وأخرى سياسية هي التي تساهم في بلورة موقف من المواقف و هذه الشروط في اعتقادنا غير متوفرة الآن، لكي نتحدث عن المشاركة الإنتخابية من عدمها.
عموم المواطنين يقولون أن النهج الديمقراطي، حزب المقاطعة، و لكن حزبنا لا يمكن أن يشارك دون ضمانات سياسية حقيقية.
التجربة الروسية لها خصوصية دقيقة في المعركة الإنتخابية. كل الطبقات الإجتماعية تكون ممثلة بقوة القانون : الطبقة العاملة لها كوطا و الفلاح له أيضا كوطا، لذلك كانت المعركة الإنتخابية في روسيا لها معنى، خاصة في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20.
الإنتخابات هناك كانت لها مغزى عند الشعب و عند المثقفين و المبدعين . كانوا يعتقدون ان الصراع على الحكم القيصري في ” الدوما” يمكن ان يوصل صوت الشعب.
- في البرلمان المغربي أيضا كل الفئات ممثلة بنسب مئوية متفاوتة…
منذ تأسيس النهج الديمقراطي تبين أن مصطلح الديمقراطية لا قيمة ولا وزن له.
لاحظوا جيدا أن في الأدبيات السياسية المغربية لا يستعمل مصطلح الديمقراطية بمفرده. دائما كان مقرونا بنعت أو صفة معينة:
فقد انتقلنا من المسلسل الديمقراطي، إلى الإنتقال الديمقراطي، بل هناك من كان يتحدث في عز سنوات الجمر و الرصاص، سنوات القمع و القهر و الاستبداد، عن الديمقراطية الحسنية.
وحتى هذا النوع من الديمقراطية لم يكن متاحا لعامة الشعب، بل كان يجري النقاش حولها في أوساط مغلقة نسبيا .
و هذا بدأ الشعب يفهم أن هذه الديمقراطية لها طابع شكلي، مزيف، لا تنتج عنه مؤسسات حقيقية، لها سلطة تنفيذية أو تشريعية أو آليات رقابية، الأمر الذي دفع المواطن المغربي لأخذ مسافة من هذا المفهوم السطحي و الخادع للديمقراطية.
و هكذا اقتنع المواطن المغربي بلا جدوى الإنتخابات التي هي فقط عبارة عن بيع و شراء، لا فائدة منها.
- بما انك تتحدث عن البيع و الشراء، نأتي هنا لمسألة الفساد و الإفساد الانتخابي، الذي انتقل من المال مقابل الصوت إلى اللقفة مقابل الصوت الإنتخابي مرورا بطبيعة الحال باستغلال الدين في السياسة.
نحن أيضا نسجل كل عمليات الفساد و الإفساد التي تشهدها العملية الإنتخابية التي نعتبرها مغشوشة و متحكم فيها و لا خير يرجى من ورائها، بل نعتبرها هدرا للمال و الجهد بدون نتيجة.
بالنسبة لنا نحن المؤسسات الموجودة، خاصة بعد الحدث الكبير الذي شهده المغرب منذ حوالي عشر سنوات ( 20 فبراير 2011)، كشف عن اللعبة السياسية الكبرى و هي ان اللعبة بيد نظام الحكم المطلق و الحكم الفردي .
و لكن للتغطية على هذا المعطى السياسي، يتم خلق مؤسسات شكلية و يتم الترويج لها و يعطي الانطباع أن هناك مؤسسات تشتغل و أخرى تحكم ، رغم أن الأمور الجوهرية تحسم في دوائر ضيقة جدا و شبه مغلقة .
الإحصائيات الرسمية التي تقدمها وزارة الداخلية حول المسجلين و المصوتين تبين أن هناك عزوف كبير و عدم اهتمام بالعملية الإنتخابية برمتها.
فقط حوالي ثلث المسجلين هم الذين يشاركون و في هذا الثلث نسبة مائية كبيرة لا تعبر عن صوتها بمعنى أنها تضع ورقة بيضاء.
يجب أولا أن يعطى الحق لكل المواطنات و المواطنين الذين بلغوا السن القانوني أن يصوتوا بالبطاقة الوطنية فقط.
- و لكن إذا تمت العملية الإنتخابية بهذه الطريقة، فلن يبق للأطراف الأخرى هامش المناورة …
بطبيعة الحال، المشاركة بالبطاقة الوطنية، ستربك لهم كل الحسابات و كل التوقعات و يصعب عليهم التحكم في الخريطة الانتخابية.
عندما نقول أن عشرين في المائة هي التي تشارك و أن ثمانين في المائة تقاطع، يقال لنا هذا عزوف سياسي و أن ( الناس مفهماش).
و هذا الأمر مردود عليه، لأن العزوف السياسي يعتبر موقفا سياسيا.
لأن النظام و الأحزاب التابعة له، يتحرك في مجال محدود، بما فيها الأحزاب التي تعتبر نفسها كبيرة، كحزب العدالة و التنمية، لأنها ببساطة، عدديا ، لا تتوفر إلا على مليون و مائتي ألف ناخب، وهذا العدد لا يمثل إلا أربعة أو خمسة في المئة من الناخبين.
لكن الإشكال الكبير، هو أن هذه 20 % من المصوتين هي التي تشكل المؤسسات، و بالتالي يمكن القول إن الشرعية السياسية هي التي توجد على المحك، رغم أن البعض حاول أن يرمي الكرة في ملعب الأحزاب السياسية ، و ربما هذا ما دفع والي بنك المغرب أن يصف الهيئات السياسية المغربية بأحزاب ( الزعتر و الكرموس الهندي )، كما أن خلاصات لجنة النموذج الاقتصادي الجديد تتحدث عن فقدان الثقة في الأحزاب السياسية المغربية
تلاحظون، يضيف الرجل الثاني في النهج الديمقراطي أن الفاعل السياسي يتحدث فقط عن المسلسل الديمقراطي و الإنتقال الديمقراطي، بل هناك من ذهب بعيدا و تحدث عن الديمقراطية الحسنية في عز سنوات الرصاص.
لذلك يمكن أن نستنتج أن الشعب بدأ يفهم أن هذه الديمقراطية لها فقط طابع شكلي و مزيف لا يمكن أن تنبثق عنها مؤسسات حقيقية تتوفر على سلطة تنفيذية و تشريعية و آليات للمراقبة.