في يوم القدس، يوم عيد المدينة التي أعيدت إليها لحمتها، والذي أحيي يوم الجمعة الماضي، مجدنا بطولة المقاتلين الذين ضحوا بأرواحهم في “جعفات هتحموشت”، والشيخ جراح، وجبل المشارف، والبلدة القديمة، فأدوا إلى توحيد المدينة بعد 19 سنة من وجود السور الذي فصل بين المدينة الجديدة وقلب الشعب اليهودي، حائط المبكى والحرم.
يدور الحديث عن يوم يفترض أن يوحد شعب إسرائيل حول المدينة وتراثها، لكن تعاظم الإحساس في السنوات الأخيرة بأن يوم تحرير القدس أصبح يوم عيد شبه حصري لقطاع واحد، حين يملأ آلاف بنات وبنين المتدينين القوميين شوارع المدينة بحماسة. بالمقابل، فإن الغالبية الساحقة من سكان البلاد منقطعون عن تجربة اليوم الذي لا يمثل بالنسبة لهم أكثر من يوم عادي آخر في رزنامة السنة.
فما الذي تغير في التجربة الإسرائيلية منذ تلك الأيام التي كان يرفع فيها المواطنون من كل القطاعات والطوائف القدس على رأس فرحتهم وكرس فيها كُتّابها وشعراؤها لها قصائد الشوق والمحبة؟ أين اختفت الحماسة التي ألمت بشعب إسرائيل عندما أدت شولي نتان كلمات نوعامي شيمر في أغنية “يروشلايم شل زهاف”؟
عشرات آلاف الفتيان في إسرائيل لم يطأوا قط ساحة المبكى، ولم ينالوا شرف المرور بين أزقة البلدة القديمة التي ضحى فيها جنود المظليين محررو المبكى بأرواحهم بعد ألفي سنة من المنفى. في إطار عمل “OU إسرائيل” يأتي إلى البلاد آلاف الشبيبة من شمال أمريكا وأستراليا وجنوب إفريقيا كل سنة. من المثير للانفعال رؤية هؤلاء الفتيان، علمانيين إلى جانب متدينين،
وهم ينشدون نشيد محبة للقدس و”المبكى”. وما يبعث على الانفعال رؤية اللحظة الأولى التي يلتقون فيها بحائط الدموع وهم يذرفون الدموع. القلب يتفطر حين يرى فتيانا لأول مرة لهم في البلاد وهم يشعرون بشوق ومحبة قويين بهذا القدر للقدس، بينما في المقابل يتربى مئات آلاف من أبناء وبنات الشبيبة في إسرائيل دون صلة بالمكان الذي يرمز أكثر من أي شيء آخر إلى مؤامرة الصمت الخالدة لشعب إسرائيل في بلاده.
كأهل وكمربين، علينا جلب الشبيبة إلى القدس لنكسب أبناءنا التراث إياه الذي تلقيناه في بيوت أهالينا، الحلم، الأمل، الشوق.
نحن ملزمون بقطع حبال السياسة عن القدس. إذا كنا نريد للعاصمة التي تاق لها آباؤنا وأجدادنا أن تبقى المدينة التي ربطت أوصالها، فعلينا أن نعلم أبناء وبنات الشبيبة تراثها على مدى ألفي سنة، وتفاني المقاتلين من أجل المدينة، والدموع التي ذرفت من عيون الجنود عندما أعلن موتي غور في جهاز الاتصال: “جبل البيت في أيدينا”.
القدس لا تعود لهذه الفئة السكانية أو تلك. القدس تعود لعموم الشعب اليهودي، في البلاد والشتات، ومن واجبنا أن نحرص على نقل هذه الرسالة إلى الأجيال القادمة.