تُعتبر قضية الصحراء المغربية واحدة من أبرز القضايا الوطنية التي تشكل حجر الزاوية في السياسات الداخلية والخارجية للمملكة المغربية. ورغم مرور سنوات على استعادة المغرب لأقاليمه الجنوبية، إلا أن الدفاع عن الوحدة الترابية لا يزال ضرورة دائمة، وليس مجرد موضوع موسمي يتفاعل معه البعض حسب الظروف. إن الترافع عن الصحراء المغربية يتطلب من الجميع، سواء من المواطنين أو الأحزاب السياسية أو البرلمان، أن يكون جزءًا من أساسيات المواطنة والعمل السياسي بشكل مستدام ومستمر.

الملك محمد السادس، في توجيهاته المستمرة، شدد على أهمية العمل الدؤوب والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة. وقد انتقد الملك بشكل مباشر الأداء الضعيف لبعض النخب السياسية، مشيرًا إلى أن عدم الجدية في اختيار ممثلين أكفاء للدفاع عن مصالح المغرب على الساحة الدولية قد أثر سلبًا على الجهود المبذولة في هذا الإطار.
وأكد جلالته على ضرورة الانخراط الجاد والفعّال في الدفاع عن قضايا الوحدة الترابية، مشددًا على أن هذا العمل ليس موسميًا ولا يمكن أن يُترك للظروف العابرة.
في هذا السياق، يتطلب الترافع عن الصحراء المغربية اشتغالاً محوريًا واستراتيجيًا، يعتمد على تنسيق الجهود بين مختلف الأطراف والمؤسسات.
يجب أن يكون هناك تخطيط مستمر ومستدام يهدف إلى تعزيز الدفاع عن مصالح المغرب في كل المحافل الدولية والإقليمية. كما أن العلاقات الشخصية والمؤسساتية تلعب دورًا كبيرًا في هذا الإطار، حيث يمكن للمسؤولين البرلمانيين والسياسيين والفاعلين من مغاربة العالم استخدام تلك العلاقات لتوجيه الرأي العام الدولي وكسب دعم الدول الصديقة والمجاورة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن لا نغفل دور الدول التي لم تتخذ بعد موقفًا واضحًا تجاه قضية الصحراء المغربية. من المهم جدًا التواصل مع هذه الدول بشكل مستمر، وتقديم الحجج القانونية والتاريخية التي تثبت شرعية موقف المغرب.
الدبلوماسية المغربية حققت نجاحات ملموسة في هذا الجانب، حيث اعترفت العديد من الدول بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، لكن لا يزال هناك العديد من الدول التي تحتاج إلى إقناع ودفع نحو اتخاذ مواقف أكثر وضوحًا وانحيازًا للحق المغربي.
من هنا، نرى أن قضية الصحراء المغربية ليست مجرد قضية موسمية تتطلب تفاعلًا وقتيًا، بل هي جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية والمواطنة.
لا يمكن حصرها في مناسبات معينة أو تركها على الهامش، بل يجب أن تظل دائمًا في مقدمة الأجندة الوطنية.
يتطلب هذا الأمر انخراطًا فعليًا من كل فرد ومؤسسة، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو المدني، لأن الدفاع عن وحدة الأراضي المغربية هو دفاع عن سيادة المملكة وعن مستقبلها السياسي والاقتصادي.
وفي الختام، يمكن القول إن قضية الصحراء المغربية تمثل تحديًا يتطلب منا جميعًا التعامل معه بجدية تامة.
إنها ليست مجرد قضية جغرافية أو سياسية، بل هي قضية مرتبطة بالكرامة الوطنية والاستقرار السيادي للمملكة. لذا، يجب أن نعمل على تعزيز الترافع عنها بكل الوسائل الممكنة، وأن نواصل العمل والتنسيق بين جميع الفاعلين الوطنيين، من أجل ضمان حقوقنا المشروعة في هذا الملف الحساس. *استشاري مختص في التنمية و العلاقات الدولية فاعل مدني من مغاربة العالم