في هذا الجزء الثالث من السيرة الذاتية، يقودنا القيادي اليساري السابق في منظمة إلى الأمام ، الذي حكم عليه بعشرين سنة سجنا نافذا قضى منها أكثر من النصف، إلى تجربة الهروب من السجن التي تحتاج إلى تخطيط و تنفيذ، كما تحتاج إلى إمكانيات و لوجيستيك.
لذلك يرى محمد الأمين مشبال ألا فائدة من الهروب من السجن و ان التجر بىة الوحيدة التي وقعت كانت لها نتائج عكسية على باقي المعتقلين السياسيين. لنقرأ…
هناك مسألة مثيرة للتساؤل في تجربتكم وهي عدم قيام أعضاء المنظمة بمحاولة الهروب رغم المدد الطويلة المحكوم بها ؟
انطلاقا من تجربتي داخل السجن لمدة 11 سنة ،يمكنني القول أن التخطيط ثم تنفيذ عملية الهروب ليس بالأمر الهين ،لكن الأصعب من ذلك هو البقاء خارج الأسوار دون الوقوع في قبضة البوليس الذي سيقوم بمطاردة لا هوادة فيها للفارين. وبالتالي ينبغي التوفر على إمكانيات لوجيستيكية كبيرة تتمثل في أماكن آمنة للاختباء ووسائل للتنقل وهويات مزورة…الخ .كل هاته الأمور كانت منعدمة بعد اجتثاث “إلى الأمام ” و”23 مارس”.
والتجربة الوحيدة التي تمت سنة 1979 كانت نهايتها مأساوية.
كيف ذلك؟
في خريف 1979 وخلال إقامة كل من سيون أسيدون ونجيب البريبري (من مجموعة “لنخدم الشعب”) وجبيهة رحال (من منظمة “23 مارس”) في الطابق الخامس من مستشفى ابن سينا بالرباط ،حصل اتفاق فيما بينهم على تنظيم هروب جماعي من المستشفى .
وفي الموعد المحدد للهروب من نافذة بالطابق الخامس ،تمسك أولا جبيهة رحال بالحبل الذي سيوصل إلى الطابق الرابع ومن ثم يتم التسلل خارج المستشفى عبر السلالم.
بيد أن بعد نزول عشرة الأمتار الأولى توقف قلب المرحوم جبيهة رحال عن الخفقان وإلى الأبد. والغريب في هاته الواقعة هو تمكن كل من أسيدون والبريبري بعد ذلك مباشرة الهروب من إحدى الأبواب،ثم توجها إلى منزل صيفي بشاطئ المحمدية يمتلكه أحد أقارب أسيدون،ل كن البوليس سيعثر عليهما بعد مدة وجيزة .
هل كانت لمحاولة الهروب تلك انعكاسات سلبية على وضعيتكم في السجن؟
لا لحسن الحظ. فلقد بقيت المكتسبات التي حصلنا عليها قائمة: زنازن مفتوحة طوال النهار،التوفر على الراديو،زيارة العائلات مباشرة بدون شباك، متابعة الدراسة والتوصل بالكتب والمجلات…الخ.
لكن بالمقابل ضاع مكسب مهم للعناصر القيادية تمثل في فقدان جناح الاستجمام بالطابق الخامس بمستشفى ابن سينا.