يتوخى هذا الإصدار تقديم أهم مشاريع محمد بن الأعرج السليماني في موضوع الإصلاح والتحديث بالمغرب من خلال رصيده المعرفي المتنوع والمتعدد، باعتباره من النخب المغربية العالمة الذين كتبوا بتوجيه من السلطان المولى يوسف في تاريخ شمال إفريقيا منذ العصر القديم إلى حدود الزمن المعاصر.
وقد حاول المؤلف الباحث الدكتور عبد الرزاق بنواحي استقراء أفكار هذا العالم الإصلاحي المتنور وسبر أغوارها وبسطها في كتابه الموسوم بـ ” إشكالية الإصلاح والتحديث في فكر السليماني” قصد نشرها وتعميمها بالنظر لأهميتها العلمية التي كانت بالأمس حبيسة رفوف الخزانات الوطنية؛ ومن تم الانتقال بها من وضعية المؤلفات المغمورة إلى المصادر المعلومة والمطلوبة بعد نشرها وضمان توزيعها من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الحريصة والساهرة على إبراز التراث التاريخي المغربي في ثراءه وتنوعه خلال الفترة الاستعمارية وقبلها، والرفع من منسوب المؤلفات المهتمة برصد أفكار المقاومة والذاكرة الوطنية.
ولمقاربة إشكالية الإصلاح والتحديث عند محمد بن الأعرج السليماني، اقتفى الباحث أثر إنتاجه الفكري المتنوع المتضمن لأفكاره حول التاريخ والأدب والعلوم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وكذا في مجال التصوف، عبر التنقيب في مخطوطاته ومواقفه من الإصلاح والمؤسسات التي تبنت استراتيجية الخروج من التخلف. وقد سعى في سفره هذا إلى الوقوف عند بعض الأفكار التي دافع عنها وهي استقلالية المغرب والدفاع عن مكتسباته والذود عن حياضه، معتبرا المسألة التعليمية من أهم أركان التغيير الاجتماعي وبوابة للانخراط في العالم التحديثي الذي يتطلب التسلح بالعلم في بعديه الوطني والديني في نفس الآن.
ويخلص الباحث إلى اعتبار محمد بن الأعرج السليماني من ضمن زمرة الإصلاحيين الذين ساهموا بمجهودهم الفكري والعلمي في مقاربة الأزمة المغربية والوقوف على الأسباب الحقيقية لتخلف البلاد وضعف الاستعداد لدى المغاربة من أجل الوقوف في وجه هذا التخلف. والحق يقال إن هذا العالم المصلح هو ممن دعوا إلى اتخاذ موقف من الصراعات الدائرة، واقتراح إصلاحات للأوضاع المتردية والمتداعية المؤدية للسقوط والانهيار.