شهد رواق باب الرواح بالرباط، مساء الثلاثاء الماضي، افتتاحًا فنيًا متميزًا لمعرض جديد للفنان التشكيلي محمد المنصوري الإدريسي تحت عنوان “الزمن المنفلت”، وسط حضور نوعي ضم نخبة من الفنانين التشكيليين والنقاد والمهتمين ووسائل الإعلام.
المعرض، الذي يمتد إلى الرابع من نونبر المقبل، يقدم باقة من أحدث أعمال الفنان، الممهورة بأسلوبه الفريد الذي يجمع بين الخيال التجريدي والتأمل الفلسفي، في رحلة بصرية تتقاطع فيها الأسئلة الجمالية مع قلق الزمن وتحوّلات الوجود.

في هذا المشروع الفني، يدعو المنصوري الإدريسي جمهوره إلى التفكير في علاقة الإنسان بالزمن، من خلال لوحات تنبض بالحركة واللون، وتترجم اللحظات الهاربة إلى فضاءات بصرية مفعمة بالحياة والتجريب. فالزمن هنا ليس مجرد خلفية، بل عنصر حيّ يتفاعل مع الضوء والمادة، ليجعل من اللوحة مساحة مقاومة رمزية أمام تفاهة الاستهلاك وضجيج السرعة.
ويرى الفنان أن الجمال لم يعد غاية جمالية خالصة، بل استراتيجية مقاومة ضد الزيف والسطحية، في عالم يفقد فيه الإنسان قدرته على التأمل. ومن هذا المنطلق، يشكّل “الزمن المنفلت” تجربة فكرية وجمالية، تحاور مفاهيم فلسفية كبرى تداولها مفكرون من الكندي والفارابي وابن سينا إلى ابن خلدون ومرورًا بالمفكرين المغاربة نور الدين أفاية ومحمد الشيكر، الذين ربطوا الفن بالمعنى والوعي والوجود.
بهذه المقاربة، يتحوّل المعرض إلى مختبر بصري وفلسفي، حيث يتقاطع الإبداع التشكيلي مع الفكر، ويصبح اللون وسيلةً لتفكيك الزمن، لا لتجميله. فالفنان المنصوري الإدريسي لا يرسم الزمن، بل يستدرجه إلى اللوحة، محاولًا القبض على ما يفلت من اللحظة، وما يتوارى خلف الصمت والضوء.
يُعدّ معرض “الزمن المنفلت” بذلك تجربة فنية عميقة تتجاوز حدود التشكيل إلى أفق إنساني وفكري، تُعيد الاعتبار للتأمل في زمن يغمره الاستعجال والنسيان.















