يتابع المعتقل السياسي السابق محمد الأمين مشبال حكاياته عبر مختلف محطات الاعتقال السياسي الذي قضى فيه أربعة عشر سنة بالتمام والكمال رغم انه كان محكوما بعشرين سنة سجنا نافذا.
في هذه المحطة يحكى مشبال عن علاقته مع منظمة إلى الأمام داخل أسوار السجن (الجزء الأول).
علاقتي بالمنظمة داخل السجن

في شهر ماي 1977 بعث الرفاق المقيمون في “حي د” للعزلة، رسالة جماعية إلى مدير السجن يطالبون فيها بفك العزلة عنهم وضمهم إلى باقي الرفاق في “حي أ”. بعد مضي أيام من توجيه الرسالة، ارتأت إدارة السجن فك العزلة عن الرفاق القياديين بحي “د” وتوزيعهم على حي “أ”1 وحي “أ2”
بدأ الرفاق الذين التحقوا بنا يفكرون في تأطير حياتنا الجماعية ووضع أسسها، فقرروا ركائز ثلاثة لابد أن تنبني عليها هذه الحياة، وهي مستوحاة من النظام الداخلي للأحزاب الشيوعية ، وتتمثل في النضال، والنقد الذاتي، وأخيرا الانضباط
من جهة ثانية اتخذت المنظمة عدة قرارات تنظيمية شكلت انتصارا للعناصر القيادية المتواجدة سالفا بسجن “أغبيلة”، أي الرفاق الذين اعتقلوا في الفترة ما بين نوفمبر 74 ويناير 75 (السرفاتي، وبنزكري والحريف،نودا…).
تمثلت تلك الإجراءات في توقيف الأغلبية الساحقة من العناصر القيادية والرفاق الذين اعتقلوا في 76 “الفاكاهاني والصافي حمادي والمشتري بلعباس وعبدالله المنصوري ولعريش.. إلخ”. إضافة إلى عبد الله زعزاع الذي لم يشفع له تعرضه لتعذيب جهنمي ماحق، وما أبداه من استماتة وتجلد لم يبديهما أحد غيره سوى عبد اللطيف زروال
شكلت الإجراءات التنظيمية لصيف 1977، والقاضية بتوقيف معظم أطر ورفاق المنظمة، حلقة جديدة من تاريخ طويل اتسم بالهروب إلى الأمام، وغياب النضج والجرأة السياسيين الضروريين لممارسة النقد الذاتي بعد الهزيمة، فقد سعت تلك الإجراءات إلى إجهاض بداية تبلور اتجاه نقدي جنيني إزاء التجربة والذي تزعمته العناصر القيادية بسجن “عين بورجة” “المشتري بلعباس، المنصوري عبد الله، الفاكهاني عبد الفتاح، لعريش عزوز والصافي حمادي”، وقد سجل هذا الاتجاه عدة مؤاخذات على ممارسة المنظمة من قبيل “الإرادوية” وعدم مراعاة القوى الذاتية.. إلخ”، والموقف من إضراب المطالبة بالمحاكمة
من جهة ثانية حاولت تلك الإجراءات ترويج فكرة مفادها أن الخط السياسي للمنظمة استراتجيتها وتعاملها مع الأحداث السياسية ببلادنا، منذ التأسيس سنة 1970 إلى تاريخ الاجتثاث سنة 1976، كان سليما في جوهره وبأن الانتكاسات المتوالية ناجمة عن القمع والأخطاء الفردية وعدم الصمود تحت التعذيب.