شكّلت الحرب الروسية الأوكرانية تحديا بالنسبة للأمن الغذائي العربي، وبات التساؤل بعد مرور أكثر من شهرين من المعارك مرتبط بإيجاد الدول العربية بالفعل بدائل لأمنها الغذائي.
وتحدث خبراء لوكالة “الأناضول” عن معاناة الدول العربية التي تعتمد على الاستيراد، في وقت تواجه بعض الدول نقص العملة الأجنبية؛ لشراء القمح وبقية واردات الغذاء التي ارتفعت أسعارها.
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، أطلقت روسيا هجوما على أوكرانيا تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية مشددة على موسكو، التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد.
غياب الخطط الاستراتيجية
الكاتب المصري ياسر عبد العزيز، قال معلقًا على البدائل العربية، بعد أكثر من شهرين على الحرب “في الوقت الذي كانت تعد فيه أوروبا العدة لزيادة الإنتاج قبل اندلاع المعارك، كانت الدول العربية تقف مترقبة دون اتخاذ أي إجراء حقيقي وكأن الموضوع لا يعنيها”.
وأضاف: “يبدو أن الدول العربية كانت تقلل من أهمية تداعيات الموضوع، معتقدة أن الحل قريب ولن تنتقل المناوشات إلى حرب”.
وأوضح: “لذا لم يكن هناك استعداد ورؤية واضحة لرفع طاقة الاستيراد لا سيما دول مثل مصر التي تستورد ما يقرب من 80 بالمئة من القمح بواقع أكثر من 50 بالمئة من روسيا و30 بالمئة من أوكرانيا”.
وقال: “لم يتم اتخاذ إجراءات واضحة ومفهومة لتحقيق الأمن الغذائي.. ونذكر أنه قبل الحرب رفع الدعم عن زيت عباد الشمس بمصر، والعقوبات الأوروبية والأمريكية على الصادرات الروسية صعبت أمر الاستيراد”.
وزاد الكاتب عبد العزيز: “لبنان أيضا طاقته التخزينية قلت بعد انفجار مرفأ بيروت (4 أغسطس/ آب 2020).. الأزمات تحيط بالدول العربية ولم تكن هناك رؤية حقيقية وسعي لخطط بديلة”.
وتحولت الأنظار إلى الهند كبديل عن بعض أنواع الحبوب وخاصة القمح، إذ تنتج سنويا قرابة 111 مليون طن.. إلا أن ارتفاع درجات الحرارة منذ مارس/ آذار الماضي، ستقلل الإنتاج بحسب تصريحات حكومية.
ردة الفعل لا التخطيط
من ناحيته قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة قطر علي باكير، إنه “ما زال من المبكر الجزم بتجاوز الدول العربية لأزمة الأمن الغذائي؛ لأنه لا شيء يضمن عدم استمرار الحرب على مستويات مختلفة”.
وأردف: “لا سيما في ظل استمرار تعطيل سلاسل التوريد، وتواصل ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية من بينها القمح والذرة، وخاصة القمح له أهمية خاصة واعتماد الدول عليه في إنتاج الخبز”.
وبيّن أن “الدول العربية تعتمد على ردة الفعل بدل التخطيط والتنفيذ، ولا أعتقد أنهم أعدوا خططا بديلة لاستيراد القمح من أماكن أخرى غير روسيا وأوكرانيا.. ومع استمرار الحرب واللجوء لبدائل من بقية البلدان تظهر أعباء إضافية بارتفاع الأسعار”.
واستطرد باكير: “نظرا لبعد المسافة والشحن والتأمين، فالمشكلة واقعة، ولا شك ستكون هناك تأثيرات سلبية على أكثر من صعيد اقتصادي واجتماعي وأمني خصوصا إن استمرت الحرب”.
وبينما ينتشر مصطلح “السودان.. سلة الغذاء العربية”، إلا أن خطط تطوير قطاع الزراعة في الخرطوم لم يتم حتى اليوم، بينما بعض الدول قررت الاستثمار في مناطق بعيدة في أوروبا والقارة الإفريقية، بحسب باكير.
انعدام النقد الأجنبي
بدوره قال الكاتب اليمني ياسين التميمي، إن “الدول العربية تعاني من مشكلات عدة لها علاقة بسلسلة الغذاء التي تبدأ بالشراء من السوق الدولية وتنتهي بالاستهلاك”.
وأضاف: “معظم الدول العربية تكاد تغطي معظم احتياجاتها من القمح وسائر الحبوب الأخرى والزيوت عبر الاستيراد، وتعاني من قصور في القدرة التخزينية ويعاني بعضها من تدني احتياطاتها من العملة الصعبة ومن نفاد هذا الاحتياطي”.
ولفت إلى أن “الحرب الروسية الأوكرانية ضاعفت من تحديات الأمن الغذائي في هذه الدول، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار القمح والذي بلغ أكثر من 7 بالمئة في بورصات القمح الدولية”.
مشكلة مركبة
التميمي تطرق كذلك للمشاكل التي تعاني منها الدول العربية اقتصاديا.. “هناك مشكلة مركبة بالنسبة لتلك الدول التي تشهد حروبا فهي تواجه مشكلة انعدام النقد الأجنبي، وارتفاع تعرفة التأمين على البواخر، وتعطل الأنشطة الاقتصادية المولدة للدخل”.
وأردف: “تتفاوت الدول العربية في حجم مخزوناتها المستوردة من القمح من 6 أشهر إلى شهر ما يعني أن بعضها على وشك الانكشاف ومواجهة مجاعة محتملة أو اضطرابات”.