بلغت الأزمة السياسية بين الرباط ومدريد توترا كبيرا، بعد افتضاح قيام إسبانيا باستضافة زعيم الجبهة الانفصالية المعروفة اختصارا ب” البوليساريو”, والرفض المغربي القاطع لهذه الخطوة التي اعتبرها وزير الخارجية المغربي, ناصر بوريطة، ضربا لعلاقات حسن الجوار.
مستقبل العلاقات بين البلدين أصبح في حالة من الترقب، فتبريرات مدريد لم تجد أي قبول من طرف الرباط التي تُطالب إسبانيا بمحاكمة إبراهيم غالي بتهم ارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان, في حين يبدو أن مدريد قد قطعت وعدا للجزائر بدخول وخروج غالي دون “أي مشاكل”.
المتتبع لهذه الأزمة، يُدرك أن إسبانيا الآن في مأزق صعب، فهي تريد أن تفي بوعدها للجزائر، لكن في المقابل لا تريد أن تزيد من التوتر مع المغرب، خاصة وأن الأخير وضعها في موقف صعب جدا, وزاد من ضغطه عندما حذّرها عبر السفيرة كريمة بنيعيش ووزير الخارجية ناصر بوريطة، بأن خروج غالي من إسبانيا كما دخل يعني مباشرة نقل التوتر إلى مرحلة التصعيد.
ويعتقد مراقبون أن الحكومة الإسبانية بزعامة بيدرو سانشيز، تبحث الآن عن مخرج من هذه الأزمة التي وضعت نفسها فيها, بالرغم من التحذيرات من طرف وزير الداخلية الإسباني فيرناندو غراندي مارلاسكا، وجهاز المخابرات الإسباني CNI حسب ما ذكرته تقارير إعلامية إسبانية.
وتقول تقارير إعلامية في الجارة الإسبانية، أن الحالة الصحية لزعيم البوليساريو في مستشفى لوغرونيو قد تحسنت بشكل كبير، وهو ما يعني أن موعد خروجه من هذا المستشفى قد اقترب، فيبقى السؤال المطروح, ما هي الخطوة الإسبانية المقبلة في هذا الشأن، هل سيتم توقيف غالي لاتخاذ إجراءات محاكمته على التهم المنسوبة إليه؟ أم سيرحل عائدا إلى تندوف كما دخل أول مرة؟.
حالة الترقب هذه, تشير إلى احتمالية حدوث انفراج في الأزمة بين المغرب وإسبانيا، أو قد تكون هي بداية التصعيد الحقيقية في العلاقات بين البلدين, حيث يبدو المغرب عازما إلى الذهاب بعيدا في هذه الأزمة، ما دام أنها ترتبط بأحد أبرز قضاياه الأساسية, ألا وهي قضية الصحراء المغربية.
في هذا الصدد, فإن المغرب قد يتجه إلى قطع كافة أشكال التعاون مع مدريد, وبالخصوص في مجالات كالأمن والإرهاب والهجرة, وهي مجالات تُعول إسبانيا كثيرا على جاره الجنوبي لإبعاد خطر الإرهاب والهجرة.