· يونس مسكين
الوزير السابق والبرلماني الحالي محمد مبديع رهن الاعتقال الاحتياطي منذ فجر اليوم في قضية فساد مالي واختلاسات…
خطوة مثقلة بالاشارات الإيجابية في وقت كدنا نسلم فيه بتحول الفساد إلى سلطة حقيقية محصنة ضد الملاحقة القضائية.
لا أقصد هنا الجزم بإدانة الرجل ومن يتابعون معه في الملف، لكنني أقصد مجرد تحريك المتابعة القضائية وفتح التحقيقات مع ترتيب الآثار القانونية.
مسألة الاعتقال رغم وجود ضمانات الحضور لجلسات المحاكمة تبقى مطروحة من زاوية قرينة البراءة، لكن أهميتها تبقى محدودة بالنظر إلى أن الأمر يندرج ضمن الممارسة. القضائية الشائعة لدينا.
لكنني لا أفهم لماذا نصر على التشويش على تصرفاتنا وجعلها تحت علامات استفهام كبيرة.
لا أحد يمكنه أن يدعي في هذه الحالة أننا أمام فبركة للملف أو استهداف سياسي لأحد المواطنين المنخرطين في العمل الانتخابي (وليس السياسي بالضرورة)، لكن هل كان ضروريا ربط هذا التحرك بمسألة انتخاب مبديع رئيسا للجنة برلمانية؟
إذا كان توقيت التوقيف والاحالة والاعتقال تصادف مع هذا الانتخاب ولم يكن ردة فعل تجاهه، لماذا كان من الضروري تجريد الرجل من منصب انتخب فيه بطريقة قانونية قبل أن يعتقل؟
أخشى أن هذه الخطوة التي قد يعتبرها البعض دفاعا عن المنصب المعني والمؤسسة البرلمانية، تعني عكس ذلك. كأننا نقول إن من غير الممكن اعتقال ومحاكمة رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب! وإذا صحت هذه القراءة، فنحن نؤسس لحصانة غير موجودة في القانون، أو كأننا نقول إن اعتقال ومحاكمة رئيس مجلس النواب مستحيلة، وإن محاكمة رئيس الحكومة، لو تورط مثلا في تلاعبات مالية وتدبيرية خطيرة، مستحيلة أيضا!
منطق للي شاف الربيع ما شاف الحافة وحده يقول إن وجود شخص مشتبه في تورطه في قضية ما في منصب مسؤولية يسيء إلى المغرب أو إلى مؤسساته، بل العكس تماما، احترام قرينة البراءة تاج فوق رؤوس الدول تفتخر به بين الأمم، كما أن اعتقال ومحاكمة المسؤولين كيفما كانت مواقعهم تاج أكبر ويحمل على فخر أعظم.
لماذا نخاف من إظهار سلوك يعلي من قيمة الدستور والقوانين؟ هل نخشى أن “يضسر” المغاربة؟ هل ما زلنا في حاجة إلى اقناع الشعب بأن انزال العقاب من عدمه مسألة قرار يتخذ أو لا يتخذ من طرف “السلطة” بصرف النظر عن القوانين والمساطر؟
تحريك المسطرة القضائية ضد مبديع مسألة إيجابية وقانونية وعليها أن تمضي في طريقها مستقلة عن التفاعلات السياسية، كما أن عمل مجلس النواب الداخلي وانتخابه أحد أعضائه المتمتعين بكامل الأهلية القانونية كان يجب أن يمضي بطريقة طبيعية ومستقلة عن إجراءات سلطة أخرى، هي القضاء في هذه الحالة، إلى أن ينتج وضع قانوني جديد (إدانة أو تعذر حضور ومباشرة المسؤول لمهامه) أو وضع غير طبيعي يتطلب التصحيح.
كان اعتقال الرجل ومتابعته وهو رئيس للجنة العدل والتشريع سيحمل إشارة أكثر قوة ورمزية عن فصل السلط وسمو القانون…
المهم كبش كبش