بصراحة، أشفقت كثيرا على الكاتب والاقتصادي المغربي فؤاد العروي، وهو يتصبب عرقا في قاعة صغيرة وضيقة تابعة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل / قطاع التواصل، وهو القطاع الذي يشرف عليه الوزير محمد المهدي بنسعيد.
كان الروائي المغربي المقيم بالديار الأوربية، محرجا جدا وهو يجيب على أسئلة سيدة تحاول أن تتكلم أكثر منه، كان يحاول أن يبعد عنه العرق الكثير بكل الطرق وبمختلف الوسائل. تارة يمسح عرقه بالمناديل الموضوعة أمامه وتارة أخرى يستعمل المروحة التي يحملها بين يديه.
بصراحة كنت منشغلا كثيرا بهذه الصور الحزينة أكثر من متابعتي لما يقوله، رغم أنني من قرائه الأوفياء.
لا أدري هل الروائي المغربي الكبير سيء الحظ، أو تم تهميشه وحرمانه من القاعة الكبرى التي كان سينشط فيها لقاءه مع قرائه.
قبل أن أذهب إلى المعرض مساء أمس السبت اتصلت بأحد الأصدقاء العاملين بوزارة الثقافة لأعرف المكان الذي سيوجد به الكاتب المتميز فؤاد العروي.
قال لي صديقي العزيز حسب ما هو مبرمج في كتالوج الصالون الدولي للكتاب و النشر بعاصمة الأنوار الرباط، فإن العروي سيكون حاضرا ومحاضرا بقاعة الأودية ما بين الخامسة و السادسة مساء.
بحثت عن هذه القاعة ووجدتها دون كبير عناء، لأنها توجد في مكان يسهل الوصول إليه.
قاعة الأوداية، مكان جميل و أنيق جدا. قاعة مكيفة و تخيم عليها موسيقى خافتة تريح النفس و البدن.
وأنا جالس داخل هذه القاعة كنت أقول مع نفسي، إما أن العروي مغربي محظوظ أو أن هناك توصية من السماء ليحاضر في هذه القاعة القريبة من أجواء الجنة، متكئين نحن الجالسين على ” رفرف خضر حسان ” . ( كان خصنا غير ) ” يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب و أباريق و كأس من معين “، حتى نتيقن أننا في الجنة بجوار فؤاد العروي .
لكن فجأة اكتشفت، بل في الحقيقة اكتشفت صاحبتي سعاد، أن القاعة ليست القاعة وأننا لسنا من أهل الجنة، لا نحن و لافؤاد العروي، و لكنه فقط خطأ المهدي المنتظر، عفوا المهدي بنسعيد. وأن هذه القاعة الجميلة خصصت لأبناء عمومتنا، أبناء عيسى و ليس لأبناء محمد.
و هكذا طردنا من الجنة الأرضية و خرجنا نبحث عن المكان الآخر الذي تم استبداله بقاعة الأوداية التي خصصت في الأصل لفؤاد العروي، فوجدنا بعد سؤال كثير و عناء كبير- و قد ساعدنا في ذلك الناشط الجمعوي الكبير نورالدين أقشاني – (و لم نجد أهل الاتصال و التواصل) الذي قال لنا أن فؤاد العروي يوجد في المكان الشقي السالف ذكره ووصفه.
المضحك أننا عندما هربنا من (صهد و عرق ) تلك القطعة النارية التي حشر فيها فؤاد العروي، إلى قاعة مجاورة لنستحضر ذكريات الباحثة و الاكاديمية الراحلة فاطمة المرنيسي، قطع الصوت على الراوية المنشطة للمحاضرة عائشة بلعربي.
هل هو فأل سيء أم تنظيم أسوء لتظاهرة ثقافية كان من المفروض أن تكون كبيرة و متميزة، غاب عنها كل شيء و غاب عنها التواصل، و حضر فقط الضجيج و الضوضاء التي عمت كل مكان و اختلطت الكلمات و الأصوات الآتية من قاعات العرض و النقاش المنتشرة هنا و هناك.