استغلت وسائل إعلام تركية معارضة، من توجهات مختلفة، احتفالات المغاربة في مدينة إسطنبول، أمس الثلاثاء، للتحريض على اللاجئين والأجانب بشكل عام، وذلك في إطار حملة استهداف واسعة متصاعدة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة منتصف العام المقبل.
ويستغل عدد من الأحزاب القومية واليسارية “ورقة اللاجئين” في محاولة لحصد مزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة.
وأمس الثلاثاء، احتشد آلاف المغاربة في تجمعات صاخبة في عدد من أحياء إسطنبول، احتفالا بالتأهل التاريخي لمنتخب بلادهم لدور الثمانية بكأس العالم لكرة القدم، ورفعوا الأعلام وأطلقوا الألعاب النارية والهتافات.
وانتشرت مقاطع فيديو على نطاق واسع للاحتفالات في المناطق التي يتركز فيها المقيمون والسياح العرب ومنها شارع الاستقلال قرب ميدان تقسيم السياحي الشهير وسط إسطنبول، وحي الفاتح، وحي إسينيورت.
وكانت هذه المشاهد تكررت عقب فوز المغرب في مباريات سابقة، وقد عمدت وسائل إعلام تركية وصفحات معروفة إلى تصوير هذه التجمعات أو تجميع مقاطع فيديو من وسائل التواصل الاجتماعي ونشرها باستخدام عناوين تحرض على الأجانب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وكتبت صحف ومواقع إلكترونية وحسابات معروفة بقربها من أحزاب معارضة علمانية ويسارية وقومية معارضة لوجود الأجانب عناوين من قبيل “إنها إسطنبول وليست المغرب”، و”هذه المشاهد من تركيا وليست من دول عربية”، وعناوين أخرى.
واعتبرت هذه الوسائل أن المشاهد “استفزاز لمشاعر الشعب التركي” ووصفت الاحتفالات بانها “فوضى عارمة وتخريب”، وذلك على الرغم من عدم تسجيل أي حوادث تخريب في الممتلكات العامة أو إصابات في صفوف المحتفلين.
وكتب نشطاء وسياسيون معروفون بقربهم من أحزاب قومية وعلمانية تعارض بشكل علني وجود اللاجئين والأجانب بشكل عام تعليقات تعتبر ما جرى “استفزازاً للشعب التركي” واتهموا المحتفلين بأنهم “يتصرفون كأنهم في بلادهم”، فيما لجأ آخرون لتوصيفات غاضبة أكثر حدة.
وكتب ناشط سياسي تركي عبر تويتر: “أنا متأكد بأنه لا يوجد هذا الكم من المغاربة في شوارع المغرب مثل ما الحال في تركيا”، وأضاف “هل يعتقد أحد أنه لا توجد حتى الآن مشكلة “لاجئين” في تركيا؟”.
وذكرت صحيفة “يني تشا” أن “هذه المناظر وسرعة تجمع هذا الحشد الكبير تكشف مرة أخرى عن مشكلة اللاجئين في تركيا”.
في المقابل، عبر مغردون أتراك عن استهجانهم لما اعتبروه محاولة من بعض المواقع الإخبارية والصفحات إثارة الكراهية ضد الأجانب من خلال هذه المنشورات، مذكرين بأنها مجرد احتفالات رياضية لم يتخللها أي أعمال شغب أو عنف وأن احتفالات أوسع جرت في معظم العواصم الأوروبية.
كما نشرت وسائل إعلام أخرى الأخبار على نطاق واسع دون أي خطاب تحريضي وفي إطار نقل الأجواء الإيجابية والاحتفالات التي شهدتها إسطنبول بفوز المغرب، كما عبر آلاف المغردين الأتراك عن احتفائهم بفوز المغرب وهزيمة إسبانيا ونشروا تغريدات عن مشاهد الفوز ورفع علم فلسطين، عبروا فيها عن سعادتهم الغامرة بفوز المنتخب المغربي.
ولا تخفي العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية التركية معارضتها لوجود اللاجئين والأجانب بشكل عام في تركيا، وتقدم بعض هذه الأحزاب خطاباً تحريضياً يوصف بـ”العنصري” وتقدم وعوداً انتخابية بطرد اللاجئين وتشديد إجراءات دخول الأجانب للبلاد في حال فوزها في الانتخابات المقبلة.
وتتهم المعارضة حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتساهل مع الأجانب “على حساب رفاهية المواطنين الأتراك”، على حد تعبيرهم.
ويعيش في تركيا قرابة 4 ملايين لاجئ سوري ومئات آلاف اللاجئين من دول عربية أخرى، إلى جانب مئات آلاف المقيمين من دول منها المغرب. ولا توجد إحصائيات حول عدد المغاربة المقيمين في تركيا إلا أن الاحتفالات أظهرت آلاف المغاربة يحتفلون في شوارع إسطنبول.