من بواعث كتابة هذه الخواطر المحزنة، ما وقع لشبان وشابات بقصبة تادلة قبل أيام، الذين ضحوا بأرواحهم في عرض المحيط الأطلسي من أجل الوصول إلى جزر الكناري مقابل حوالي أربعة ملايين سنتيم للفرد الواحد دفعت لل”حراك” صاحب الزودياك الذي انقلب بهم عند نقطة الوصول
هي ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي تقع فيها مثل هذه الفواجع ببلادنا مع كامل الأسف بعدما بلغ السيل الزبى و نفد صبر بعض شبابنا المعطل و المفقر في الحصول على حياة كريمة بوطنه الأم وإنقاذ أسرهم من العوز والفاقة
فهاهي الاستحقاقات الانتخابية على الأبواب، والمرشحون يقدمون الوعود المعسولة والبرامج الانتخابية التي تبدو وكأنها جنة فوق الأرض ستتحقق لشرائح عدة من المجتمع، كل يغني على ليلاه في تنافس شديد من أجل كسب المزيد من أصوات المواطنين، منهم من “ينزل الشتا فلوس” حسب تعبير المرشح سعد الدين العثماني ومنهم من يحاول استمالة الناخبين بروح معنوية و بتعهدات منه بغد مشرق أفضل من الأمس
فمن يوزعون المال الانتخابي لشراء ذمم المواطنين المحتاجين
وكسب سقف أكبر من الأصوات، إنما يغامرون بمستقبل هذا الوطن و بمستقبل مواطنيه، فالمثل المغربي يقول “كون سبع وكولني”، فكن أيها المرشح نزيها، واثقا من صدق برامجك، صافي النية، حسن السمعة، فيك غيرة على وطنك، خادما لمصالح المواطنين، قريبا منهم ومن تطلعاتهم ومن آلامهم وآمالهم، وسوف لن تلقى منهم غير الترحاب تلو الترحاب دون
أن تضطر لشراء أصواتهم والدوس على كرامتهم
إثراء متعدد الأوجه وتفقير متعدد الأبعاد من المهد إلى اللحد
فوحش التحكم السياسي والاقتصادي، و وحش الغلاء و التفقير ووحش التجهيل والاستخفاف بإنسانية المواطن وتحقيره ووحش الخوصصة الصحية والتعليمية و وحش المافيا العقارية ووحش القروض الأجنبية وإملاءات الصناديق والأبناك الدولية ووحش بعض لوبيات الأبناك والتأمينات وخدمات الداخل ووحش بعض المقاولات غير المواطنة وذات النفوذ ووحش شراء الذمم وجلب الأصوات باستعمال أخس طرق المكر والخديعة أو عبر وسائل الضغط والابتزاز بمغربنا العميق ووحش الاقتصاد الريعي ووحش الطمع في أصوات غير مستحقة ووحش الطمع في الاستفراد بالخيرات من قبل أقلية على مرأى ومسمع من أغلبية صامتة،عازفة ومغردة أو مدونة، سابحة في ظلمة بحر لجي من فوقه ومن تحته موج ،هي من دواعي فقدان الثقة في منظومتنا الانتخابية والسياسية من قبل عدد كبير من المواطنين خاصة ممن ينتمون للطبقة الوسطى من المجتمع التي عانت وتعاني من أساليب طحنها و تفقيرها خاصة في العشرية الأخيرة
ليس كل ما في مشهدنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي قبيح على كل حال وليس كل ما فيه جميل ،وتبقى نعمة استقرار البلاد وأمنها خير وأبقى، رغم كل ما قد يحاك من مؤامرات ضد وطننا الغالي من داخله أو من خارجه ،فاللهم احفظه بعينك التي لا تسهو ولا تنام وأدم عليه هذه النعمة التي لا تقدر بثمن ,فالفتنة أشد من القتل
لكن، كيف يمكن إذن مكافحة الفساد من دون تطبيق قانون الذمة المالية تطبيقاً فعالاً وهو بداية المحاسبة التي تشمل الوظائف الكبيرة قبل الصغيرة وفقاً لمبدأ من أين لك هذا؟
“جيوب مقاومة الإصلاح أو “عفاريت ابن كيران
لا للزيادة في الأجور والمعاشات.لا لتحسين الأوضاع الاجتماعية ،لا للعدالة الضريبة ،لا للتوزيع العادل للثروات ،لا لإقرار ضريبة على الثروة وعلى الإرث ،نعم للغنى الفاحش المشروع وغير المشروع ،نعم لاقتصاد الريع.
نعم لتعدد بعض رخص الصيد بأعالي البحار أو رخص النقل الطرقي و الحضري في يد أقلية ميسورة، نعم لمافيا العقار ..هكذا تفكر جيوب مقاومة الإصلاح ومن يسير خلفها. وأتذكر هنا، بالمناسبة تخليد حقوقيين مغاربة لليوم العالمي للقضاء على الفقر المصادف ل17 من شهر أكتوبر من كل سنة، عبر تنظيم وقفة احتجاجية رمزية قبل الجائحة بساحة البريد بالرباط، حمّلوا فيها المسؤولية للدولة المغربية حول تردي الأوضاع الاجتماعية وعدم التوزيع العادل للثروات والخيرات على جميع شرائح الشعب المغربي.
هذه الوقفة كان قد دعا إليها المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تحت شعار: “نضال وحدوي من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية”، وقد تعالت فيها أصوات المحتجين و المحتجات ضد ما اعتبرته “السياسات العمومية المنتجة للعديد من مظاهر الفقر والهشاشة والحرمان والتهميش والإقصاء واللامساواة بين فئات عريضة من المواطنات والمواطنين، لاسيما في المناطق القروية النائية والمهمشة، وفي الأحياء الهامشية للمدن
“عفا الله عما سلف”
“شعار أجوف أخرق، ذلك الذي رفع في عهد حكومة ابن كيران،المشهور ب”عفا الله عما سلف
،وقبله بحكومة التناوب،الذي اشتهرأيضا بمطاردة الساحرات، وهو أن لا أحد- فيما أعتقد – من المغاربة يفضل محاسبة ناهبي أموال الشعب وإدخالهم إلى السجن دون استرجاع ما نهب لخزينة الدولة، فماذا يفيدنا إذن سجن أحد ثبت بالدليل والبرهان تورطه في اقتصاد الريع وفي اختلاس أموال عمومية أو في الاستفادة بغير وجه حق من صفقات أو أراض مملوكة للدولة أو رخص للنقل والصيد في أعالي البحار أو عمولات بأرقام فلكية أو أجور ومنح وامتيازات خرافية لموظفين أشباح أو يظهرون ويختفون كثعلب الراحل محمد زفزاف أو يوقعون من أجل الاستفادة من مال الأمة دون إسالة قطرة عرق حتى.
واللائحة تطول وتطول بطول كل السنوات التي مضت قبل وبعد الاستقلال، ماذا يفيدنا سجنه، إذا لم يسترجع ما أخذ من مال هذا الوطن الغالي ومن عرق هذا الشعب العريق المتجانس المسالم بغير شرع ولا قانون، بل قد يؤخذ أحيانا بالتحايل على القانون نفسه، فلو فهم “الفاهمون والدهاة والعباقرة” من الذين كانوا خلف العجز في ميزانية الدولة، بسبب النهب والتحايل على المال العام والترامي على الملك العمومي وسوء التدبير،والذين جرت بذكرهم الركبان في تقارير وطنية ودولية و في إصدارات المجلس الأعلى للحسابات وما سطرته كذلك الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب وما تناولته أيضا جمعيات ومنظمات مدنية، وما انتشر كالنار في الهشيم على أعمدة الصحف والمجلات بشتى تلاوينها وطنيا ودوليا خلال فترات طويلة ،لو فهم أولئك الذين وردت أسماؤهم وشركاتهم على الأقل في رخص مأذنويات النقل وأعالي البحار ومقالع الرمال ولوبيات العقار والسمسرة والتملص الضريبي والتهرب الضريبي ونحو ذلك هوأمر شنيع، لو علموا أثره على النفس والمجتمع بصغار أفراد وبكبارهم ، ولا فائدة ترجى مع ذلك بالنسبة لخزينة الدولة إذا لم تسترجع الأموال إلى صناديقها كما فعل مع أصحاب أموال وممتلكات كانت قد هربت خارج الوطن،ولو بشكل ودي وبلا ضجيج إعلامي …
عندها، نقول في قرارة أنفسنا أونصفق لهم بحرارة :عفا الله عما سلف
هذا الشعار مات في مهده ،لما أعلن عنه دون إعادة ما للشعب من حقوق في ما نهب وأخذ منه بغير وجه حق ، ويذكرنا هذا السياق بالحديث الصحيح الذي جاء فيه أنَّ امرأةً سرقت في عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في غزوةِ الفتحِ، ففزع قومُها إلى أسامةَ بنِ زيدٍ يستشفعونه قال عروةُ : فلما كلمه أسامةُ فيها تلوَّن وجهُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال : ( أتكلِّمُني في حدٍّ من حدودِ اللهِ ) . قال أسامة : استغفرْ لي يا رسولَ اللهِ، فلما كان العشيُّ قام رسولُ اللهِ خطيبًا، فأثنى على اللهِ بما هو أهله، ثم قال : ( أما بعد، فإنما أهلك الناس قبلَكم : أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، والذي نفسُ محمدٍ بيده، لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقتْ لقطعتُ يدَها ) . ثم أمر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بتلك المرأةِ فقُطعت يدُها، فحسنت توبتُها بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشةُ : فكانت تأتي بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم
نيكولا تيسلا”،المخترع لكل شيء والعالم المتعفف،صديق المحتاجين
رغم أن اسم «نيكولا تسلا» ليس على قدر شهرة اسمي «توماس اديسون»، مخترع المصباح الكهربائي و«جولييلمو ماركوني»، أول من استطاع نقل و استقبل موجات الراديو، إلا أنه لولا جهود «تسلا» المضنية في كلا المجالين لما كان لنا أن نعيش اليوم بشوارع ومنازل مضاءة أو نستمتع بالبث الإذاعي والتلفزيوني بل لا يمكن تحديد أي من اختراعاته العديدة وهو المسؤول بشكل مباشر عن جعل حياتنا أكثر سهولة اليوم، واستطاع بفضل ساعات عمله المرهقة التي أمضاها معزولًا عن العالم في معمله،أن يمكننا من استخدام أجهزة تعتمد على التيار الكهربائي كمصدر مستمر للطاقة بلا انقطاع
“من الاختراعات والأعمال والأفكار التي ساهم بها العبقري “تيسلا
التيار المتناوب المتردد
المحرك الكهربائي الذي يعمل على التيار المتناوب
الضوء – كيفية تسخيره وتوزيعه
الاشعة السينية
الراديو
أجهزة التحكم عن بعد
المحرك الكهربائي
الروبوتات
الليزر
الاتصالات اللاسلكية
الطاقة الحرة اللامحدودة
تبخر حلم “تيسلا’ عن مجانية استعمال المجال الكهرومغناطيسي عبر العالم
كان يسعى “تيسلا” جاهدا لجعل العالم بفقرائه و أغنيائه يتمتع وقتها بمجانية الاستعمال اليومي للكهرباء عبر اللاسلكي ،ولو حصل له ما يريد،لكنا اليوم نستفيد أيضا من المجانية في عدة مجالات كهرومغناطيسية من بينها الأنترنيت، ولكن أباطرة المال والأعمال وقفوا في وجهه آنذاك،فتبخر حلمه رغم نجاح تجربته وشاهدوها عن قرب
عرفت عن تيسلا،هذا العالم الصربي/الكرواتي غير المحب للجاه والمال،طبائع غريبة من بينها
يُقال أنه كـانت لديه عادة غريبة حول رقم 3 ،حيث كان يغسل يديه 3 مرات أو يدور حول مبنى ما 3 مرات قبل أن يدخله، قد يكون ذلك مظهراً من مظاهر الوسواس القهري
كان “تيسلا” يكره اللؤلؤ بجنـــون.. لدرجة أنه كان يرفض التحدث مع النساء اللواتي يـرتديــن اللؤلؤ، ولم يتوصل أحد لسبب مقنع حول كراهيته الشديدة للؤلــؤ
قضـى “تيسلا” حياته كلها أعزبا ولم يتزوج .. الحيــاة الزوجيــة لم تكن تناسبه إطلاقاً، وصـرّح ذات مــرة أنه لا يعتقد أن ثمــة اختـراع واحد عظيــم فى البشــرية منسوب لعلمــاء متزوّجيــن
أمضى معظم حياته متوسط الحال في نيويورك حيث قضى آخر عقدين له في فندق النيويوركر و عاش في غرفة 3327 وهما غرفتيــن في الطابق الثالث
فلتعظ إذن أيها الراقدون على أطنان من أموال اليتامى والفقراء والمحتاجين والمساكين بوطننا الغالي, الطامعون في المزيد،من العالم المتعفف المحب للعلم، الزاهد في الدنيا وما فيها،”نيكولا تيسلا”..بوركت يا”تيسلا”وبوركت أعمالك رغم كيد الكائدين وظلم السنين
كاتب صحافي