على الرغم من تسويق نفسها كمدافعة عن القيم الحضارية والديموقراطية، إلا أن فرنسا لا يمكنها محو تاريخها الكولونيالي وسياساتها الاستعمارية المبنية على التحكم في مصير الشعوب، خصوصا أنها باتت تفقد السيطرة في العديد من الدول الإفريقية التي كانت تعتبر بمثابة الحديقة الخلفية للإليزيه، كبوركينا فاسو ومالي وإفريقيا الوسطى،
ولعل ذلك ما يفسر الغضب الكبير من انقلاب النيجر، إذ تهدد باريس بالتدخل العسكري، خصوصا أن مصالحها أضحت مهددة.
وتحتل النيجر المركز الرابع عالميا في إنتاج اليورانيوم، إذ تغطي 35% من الاحتياجات الفرنسية من هذه المادة، وتساعد محطاتها النووية على توليد 70% من الكهرباء، كما أنها أصبحت أكثر أهمية للدول الكبرى بعد اكتشاف احتياطات مهمة من البترول إلى جانب مناجم المعادن النفيسة.
انقلاب النيجر وضع عدة احتمالات على الطاولة أغلبها يهدد بسحب البساط من تحت سيطرة الفرنسيين خصوصا مع تواجد لاعبين كبار يجعلون التجاذب الجيو استراتيجي أكثر سخونة، فأعين الدب الروسي تراقب من بعيد مع جاهزية تامة لاغتنام اي فرصة متاحة.
بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تهمها فرنسا أو غيرها عندما يتعلق الأمر بالمصالح، مما يوفر للمتحكمين الجدد بالنيجر أوراقا تفاوضية عديدة على الرغم من التنديدات والتهديدات هنا وهناك.
ماكرون الذي ينعته الفرنسيون بأسوء رئيس في تاريخ البلاد بحسب آخر استطلاعات للرأي، اتسمت ولايته بأزمات كادت تعصف بالجمهورية الخامسة، ومن سوء حظه أن فرنسا بدأت تجني ثمار سياساتها الإمبريالية في القارة السمراء كما يقول المثل “على أهلها جنت براقش“.
حتى “مبابي” أفضل لاعب في العالم يبدو أنه لم يعد يكترث بتوسلات ماكرون له بالبقاء في باريس.
وبعد مغادرته إلى مدريد سيظل المطلوب الأول في الفريق الفرنسي.
فبسبب اللاعبين من أصول إفريقية حققت فرنسا أمجادها، و بفضل ثروات القارة السمراء يتغذى اقتصادها.
مؤشرات أخرى تنذر بتمرد إفريقيا على سطوة الإليزيه من بينها التخلي عن لغة موليير في الأنظمة التعليمية للعديد من الدول الإفريقية والاتجاه نحو الإنجليزية.