من المعلوم أن السياسة ترتبط بالإقتصاد فهو الذي يصنع السياسة، وهو الذي يسير دفتها ويحدد أهدافها ، ويشكل الجمع بينهما أحد أهم ركائز توجهات الدول في عصر العولمة .
ومع استحضارنا للأزمة الدبلوماسية مع الجارة الشمالية إسبانيا ، يمكن القول أن المغرب بين للعالم ،أن مكانته الإقليمية أكبر من حسابات جيراننا ، وأنه يراهن على أكثر من واجهة ، ولا يقتصر في استراتيجيته على دول ذي الوجهين .
إن إستثناء الأراضي الإسبانية ، ليس استثناء لمغاربة العالم المقيمين بها. وإنما هو كيل بمكيالين و أن الخطأ السياسي لحكومة مدريد ، ستدفع ثمنه إقتصاديا ، الأمر الذي يؤكد فرضية أن المغرب أضحى اليوم يقف ندا للند في وجه من يحاول المساس بمقداسته الثابتة .
بالرجوع لبعض التحليلات التي تناولت الازمة بين الرباط ومدريد ، نجد أن هناك من يتصور أن الخاسر هو المغرب، ولكن سرعان ما اتضح أن الازمة أكبر من أزمة ديبلوماسية ، وإنما فتحت على مستويات اخرى من بينها الإقتصاد ، لنقف على حلقة أخرى تنضاف لأبعاد تبعات إستقبال مدريد لمحمد بن بطوش وبرهان من المغرب أنه لا يراهن على ود اسبانيا في غياب موقف صريح وواضح من مدريد تستحضر فيه طهارة قضيتنا الوطنية العادلة و إنصاف ضحايا ابراهيم غالي .
ومن المهم الاشارة الى أن الموقف المغربي يؤكد وقوفه إلى جانب ضحايا قضيتنا الوطنية ، وأن المجال المغربي والمواطن المغربي أكبر من عملة صعبة ، وأن الصعب في المعادلة هو المواطن المغربي والقضية الوطنية.
المغرب لم يكن ليصدر قراره باستثناء الاراضي الاسبانية من عملية مرحبا ، دون حسابات دقيقة من قبل القائمين على هذه العملية ، ذلك أنه يمكن للمغاربة الولوج إلى التراب الوطني عبر رحلات جوية قادمة من دول اوربية مجاورة وحتى من ميناء جنوة بإيطاليا أو فرنسا، الأمر الذي يعني أن المغرب فتح لمواطنيه القادمين من أوروبا منافذ للعودة لأرض الوطن ، وإن كانت بتكلفة من المحتمل أن تكون مرتفعة فإنه الأرباح المجنية من عملية مرحبا من الأفضل أن تعود لدول صديقة بدل جيران اصطفوا لجانب مجرمي حرب ولم يلتزموا باتفاقيات تعاون أمني مع شريك استراتيجي.
كما لا يمكن لأي كان أن يدعي أن الخطوة المغربية ستقلص من أعداد مغاربة العالم الوافدين، فالأمر راجع كما قلنا سابقا ، ان المملكة المغربية لم تراهن على المجال الإسباني وإنما على مجالات أخرى ليست بالبعيدة وحتى السفر إليها متاح بالنظر لحرية التنقل داخل فضاء شنغن .
ما دام الأمر يتعلق بتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية مع استحضار أن المغرب لم يمنع دخول المغاربة بقدر ما وضع حدا لممارسات حربائية للجارة الشمالية ، عساها تستوعب الدروس من موقف حكومتها تجاه المغرب وسيادته الكاملة على أراضيه من طنجة الى الكويرة .
*محام بهيئة المحامين بأكادير والعيون.
باحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.