تشكل القنوات التلفزيونية الكرتونية إحدى أهم مصادر المعرفة التي يستقي منها الأطفال معارف جمة. فبالإضافة إلى الدور الترفيهي الذي تقوم به لصالح هاته الفئة (الأطفال) تضطلع هذه القنوات بأدوار أخرى يأتي في مقدمتها التثقيف وتمرير معلومات عديدة في مشارب شتى ،هذا ودون أن ننسى إحدى أهم وظائفها الأساسية وهي تعليم الأطفال للغات حسب اللغة التي تقدم بها أفلامها الكرتونية، وقد وعت كثير من الأسر بهذه الوظائف لذلك باتت تستعين ببرامج القنوات التلفزيونية الكرتونية في تعليم الأطفال وإغناء رصيدهم المعرفي بمعلومات شتى وهم في طور تعلم أصول الحياة ومبادئها والانفتاح على العالم الخارجي والمجتمع
ناهيك عن الدور الأخلاقي الذي تقوم به لصالح هاته الفئات حيث تبث في ذواتهم قيم جمة وأخلاق ومبادئ عامة كثيرة (الصداقة- التعاون-الاجتهاد-العمل- طاعة الوالدين..)، ومنه، يمكن القول بأنه إلى جانب الوالدين باتت القنوات الفضائية الكرتونية أهم المصادر المساعدة على بناء شخصية الطفل وتكوين شاب حمل في شخصيته أفكارا واعتنق مبادئ متنوعة خلال طفولته..
وفي تصريح له يقول الطفل محمد الجزير البالغ من العمر 12سنة …
“في سنواتي الأولى كانت والدتي تشغل لي قنوات الكرتون بينما تقوم هي بأعمال البيت، وجدت الرسوم المتحركة خير معين لي على التعلم وكسب معارف وتكوين ثقافة عامة. في مدرستي اليوم تتعزز المبادئ التي دخلت وأنا على بينة منها ،كما أنني لا أواجه صعوبات في التحدث والتعبير الشفوي باللغة العربية الفصحى ”
وأضاف ” هناك أفلام كرتونية هي عبارة عن روايات من الأدب العالمي وجدت نفسي ملما بتفاصيلها وكأنني قرأت بالفعل ما حوته تلك الروايات. يقف أساتذتي مشدوهين حين الحديث عن إحداها فأتدخل أنا بذكر بعض تفاصيل العمل…فيصفقون لي تشجيعا وتحفيزا.
وثبت هذه القنوات أيضا برامج علمية من شأنها -إضافة إلى تعليم الطفل -مساعدته على اختيار توجهه الدراسي المستقبلي والمهنة التي يحب مزاولتها في القادم من الأيام،فأنا مثلا من خلال برنامج يقوم بالتعريف بالطب وعرض حالات تتم معالجتها وفق آليات دقيقة..غدوت أرى نفسي طبيبا كبيرا ناجحا مستقبلا…”
لكن هذا الكم الكبير من حسنات أفلام الكرتون لا يلغي أبدا بعض مساوئها، ففي تصريح للأخصائية في الأمراض النفسية فدوى سبابو تقول “تكون أحيانًا هذه الرسوم المتحركة غريبة الصنع والهوية على عقول أطفالنا، لأنها صممت لغير أطفالنا وبعقلية غير عقليتنا وثقافاتنا، ما يجعلها تعلم الأطفال عادات وأخلاق تبعد كثيرًا عن عاداتنا وأخلاقياتنا وعقيدتنا وقد لا تتماشى مع طبيعة مجتمعاتنا العربية. تعرض بعض هذه الرسوم المتحركة أفلامًا تحث الطفل على العنف والإجرام وتجعله يميل إلى العدوانية في تصرفاته..”
وأضافت” يقلل من درجة تفاعل الطفل مع أفراد أسرته؛ حيث إنهم يتركون أطفالهم ساعات وساعات أمام هذه الأفلام ليستريحوا من شقاوتهم. يضر الجلوس لفترات طويلة أمام التلفاز لمتابعة هذه الأفلام بصحة الطفل وتؤثر على نظره وتضعف بصره وتجهد شبكية العين فضلا عن الحيلولة دون أداء وجباتهم، ويحرمهم من الحصول على ساعات كافية من النوم ما لم ينظم والديهم ساعات المشاهدة وجعلها تحت إشرافهم.”
وبناء عليه يجب تشديد رقابة الوالدين والبالغين على ما يشاهده الأطفال من أفلام كرتونية ورسوم متحركة، والتزام الوسطية و الاعتدال في مشاهدة مايتم بثه بشكل يومي على القنوات المخصصة لعرض كل ما يتعلق بعالم الطفل.