أثارت المذكرة العجيبة التي أصدرتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، (قطاع التواصل) المتعلقة بالعناية بالهندام، ردود فعل متباينة.
هناك من اعتبرها عين الصواب ولكن أغلبية الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي سخرت من هذه المذكرة التي جاءت في وقت غير مناسب تماما، حيث الآثار السلبية، المعنوية والمادية التي خلفتها الجائحة والزيادات المهولة في المواد الغذائية الأساسية وارتفاع ثمن المحروقات، فضلا عن ضعف القدرة الشرائية للموظفين، باعتبار أن أجورهم بقيت جامدة منذ أكثر من عقدين من الزمن في عهد الحكومة الملتحية غير المأسوف عليها.
عموم الموظفين والموظفات، ومن بينهم موظفو قطاع التواصل، كانوا ينتظرون إشارات إيجابية للزيادة في الأجور، فصدمهم أخنوش بواسطة وزيره في الشباب والثقافة والتواصل، وزادهم عبء ماديا جديدا على الأعباء المادية الأخرى.
وحتى لا يزايد علينا بعص المتملقين للسيد وزير التواصل أو أولئك المستفيدين من الأوضاع الحالية لقطاع التواصل (تعويضات، سيارات الدولة وبنزين)، فإننا لا ندعو للفوضى في اللباس ولا في إهمال العناية بالهندام، ولكن يجب أن تأخذ الإدارة بمبدأ التناسب والقدرة الشرائية للموظفين.
ولكن نذكر أن العناية بالهندام تحتاج إلى مال وإلى تعويضات وحوافز إضافية، كما هو الشأن في العديد من القطاعات العمومية وغير العمومية (وزارة الخارجية، وزارة الداخلية، المجلس الأعلى للقضاء وحتى الصحافيون العاملون في القنوات التلفزية المغربية وخاصة اللواتي والذين يقومون بتقديم نشرات الأخبار، فإن المؤسسة التي تشغلهم، هي التي تقوم باقتناء الملابس التي يقدمون بها نشرات الأخبار.
عندما قال أخنوش في حملته الانتخابية ” تستاهلوا أحسن”، فإنه كان يدرك ما يقول. إن اللباس الذي يرتديه الموظفون في قطاع الاتصال مثلا غير صالح ولا يشرف القطاع، بمعنى، ما يرتديه العاملون بقطاع التواصل جاء من “الجوطية” أو من “البال”، وبالتالي عليهم أن يتخلوا عن هذا اللباس الرديء، الذي أصبح غير لائق بوزير شاب وأنيق، يستفيد من تعويضات اللباس والسكن والتنقل والأواني الفضية.
إن الأولوية يجب أن تعطى لتطوير الإدارات العمومية المتخلفة والخدمات الإدارية البئيسة، بدل الاهتمام بما يلبسه الموظفون البسطاء في هذا الإطار نذكر، لعل الذكرى تنفع المدافعين عن العناية بالهندام ، بالخطاب الملكي السامي يوم 14 أكتوبر 2016 الذي وجهه الملك محمد السادس للشعب المغربي والذي انتقد فيه الإدارة المغربية التي لا تستمع للمواطن حيث قال جلالته “ومن غير المقبول، أن لا تجيب الإدارة على شكايات وتساؤلات الناس وكأن المواطن لا يساوي شيئا، أو أنه مجرد جزء بسيط من المنظر العام لفضاء الإدارة”. مضيفا في ذات الخطاب السامي، “إن الصعوبات التي تواجه المواطن في علاقته بالإدارة كثيرة ومتعددة، تبتدئ من الاستقبال، مرورا بالتواصل، إلى معالجة الملفات والوثائق؛ بحيث أصبحت ترتبط في ذهنه بمسار المحارب”. مؤكدا أنه “بدون المواطن لن تكون هناك إدارة. ومن حقه أن يتلقى جوابا عن رسائله، وحلولا لمشاكله، المعروضة عليها. وهي ملزمة بأن تفسر الأشياء للناس وأن تبرر قراراتها التي يجب أن تتخذ بناء على القانون”.
لنقرأ جميعا أهم ما جاء في المذكرة العجيبة (لقد لوحظ عدم التزام بعض الموظفات والموظفين بارتداء هندام لائق سواء بمقرات عملهم .. ونظرا لما لهذا الجانب من أهمية في تحسين صورة الإدارة واحترام أدوارها التمثيلية للدولة وللمرفق العمومي؛ وانسجاما مع ميثاق حسن سلوك الموظف العمومي
يتعين الحرص على إرساء قواعد العناية بالهندام من طرف جميع الموظفات والموظفين؛ وذلك بارتداء بذلة كاملة وربطة عنق أو جلباب مغربي بالنسبة للموظفين؛ وبذلة أو جلباب مغربي بالنسبة للموظفات؛ كما يتعين تعميم فحوى هذه المذكرة على جميع الموظفات والموظفين واتخاذ كافة التدابير والإجراءات الكفيلة بالتطبيق السليم لمقتضياتها).
الخطير في هذه المذكرة أنها تتوعد الموظفين والموظفات بإجراءات عقابية إذا لم يلتزموا بالبذلة الكاملة وربطة العنق والجلباب. فبعد التهديد بالطرد بسبب عدم التوفر على جواز التلقيح، موظفون مهددون أيضا بالطرد إذا لم يعتنوا بهندامهم. وهذه هي التربية وإلا فلا.