حين يطلّ رئيس الحكومة عزيز أخنوش مساء الأربعاء عبر القناتين العموميتين، فإن الأمر لا يتعلق بمجرد برنامج تلفزيوني، بل بموعد سياسي وإعلامي يضع رئيس السلطة التنفيذية أمام امتحان بالغ الحساسية: امتحان الشفافية والتواصل.

منذ تنصيبها، وُجّهت للحكومة انتقادات متكررة بخصوص غيابها عن الفضاء العمومي، واعتمادها لغة تقنية صمّاء بعيدة عن نبض الشارع.
المواطن المغربي، الذي يواجه تضخماً خانقاً وصعوبات يومية في الصحة والتعليم والتشغيل، لم يجد في خطابات الحكومة ما يخفف قلقه أو يوضح له أسباب القرارات التي مستّ معيشه اليومي.
الإشكال لم يكن فقط في مضمون السياسات، بل في طريقة تسويقها وتفسيرها. فالتواصل السياسي ليس ترفاً، بل هو جزء من المسؤولية العمومية.
حين تختفي الشفافية، يملأ الفراغُ الإشاعات والتأويلات، وتتعمق الفجوة بين المواطن والدولة.
اليوم، أخنوش أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يكرّس صورة “الحكومة الصامتة” التي تحتمي وراء الأرقام والبلاغات الجافة، أو أن يختار لغة المصارحة، يعترف بالتعثرات، ويشرح بوضوح للمغاربة أين نجح وأين فشل، وماذا يمكن أن يتغيّر في المرحلة المقبلة.
صحيح أن البرامج التلفزيونية ليست بديلاً عن السياسات العمومية الفعالة، لكنها مؤشر على مدى احترام السلطة التنفيذية لشعبها. والاحترام يبدأ من الحق في المعلومة الصادقة والواضحة.
إنها لحظة فارقة: إمّا أن يربح رئيس الحكومة رصيد ثقة هو في أمسّ الحاجة إليه، أو أن يضيع فرصة أخرى ليؤكد للمغاربة أن حكومته لا تزال تفضّل الصمت والغموض على المصارحة والوضوح.















