وصف رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة علنا في وقت سابق بشهر أبريل الماضي ولي العهد الأسبق الأمير حمزة بن الحسين بأنه “طامع ومتهور” .
قبل ذلك بيومين آنذاك استخدم الكاتب في صحيفة الغد فهد الخيطان تعبيرات مماثلة لها علاقة بما سماه طموحات الأمير غير الشرعية في مقال منشور أثار ضجة، وسرعان ما تم تعيين الخيطان بعد أسابيع مسؤولا مباشرا لطاقم الإعلام في الديوان الملكي.
تثبت رسالة الأمير المعلنة مساء الثلاثاء وجود قرائن وأدلة لدى الثنائي الخصاونة والخيطان تقررت على المستوى المركزي عندما أدخلت البلاد في صدمة الفتنة ومفتاح المعالجة الجديدة والاحتواء كان بإعلان الأمير حمزة المثير للجدل بأنه يقر بارتكابه أخطاء.
ما هي الأخطاء التي يعلن الأمير فجأة أنه يقر بارتكابها، لا بل وبالنص يعتذر عنها لشقيقه الملك عبد الله الثاني وبالنص أيضا يلتزم أمام العائلة والأردنيين بعدم تكرارها ؟.
هذا سؤال لم يعد محرجا الآن، لأن السلطات وفي إطار التعامل الإعلامي والسياسي والقانوني مع قضية الفتنة الشهيرة تجنبت تسليط الأضواء على تلك الأخطاء التي يمكن القول اليوم باسترجاعها وحصرها مادامت الحكومة قد كشفت النقاب عنها في الماضي .
يرى المراقبون والمختصون، أن الخطأ الأول والأبرز الذي تورط به الأمير الشاب قد يتمثل في إصراره وعلنا بعض الأحيان على أنه الأجدر بولاية العهد مع أن نصوص الدستور واضحة وملزمة في هذا السياق .
الخطأ الثاني وخلافا للمعروف لم يكن حضور اجتماعات وموائد بين الحين والآخر مع أصدقاء وأبناء عشائر، فذلك أمر مألوف ولا أحد يستنكره ولكن الإصرار على توجيه عبارات نقدية للدولة وللأداء وبصورة محرجة في مثل هذه الاجتماعات .
يقول دبلوماسي غربي متابع، إن الأمير حمزة كان يصمت في حال توجيه انتقادات للدولة وأحيانا كان يسمح بسخرية بتوجيه بعض الانتقادات .
أما الخطأ الثالث والذي يمكن اعتباره الأهم نسبيا فقد يكون إقامة علاقة مباشرة ومتكررة مع شخصيتين بارزتين ورد دورهما واسماهما في قضية الفتنة وهما الدكتور باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، فالأول كان دوما من أقرب المقربين للقصر الملكي الأردني وللقصر الملكي السعودي، والثاني تميز بثرثرة في المجالس ودخل في خصومه قضائية مع القصر وبقي منتقدا ومتهما بعد عدم تأهيله لأحد المشاريع .
عمليا قد لا يكون التواصل مع الشخصيتين المشار إليهما بحد ذاته هو الخطأ، لكن الخطأ الجسيم وقد أوردته سجلات المكالمات الهاتفية وبعض تطبيقات التواصل المراقبة بالصوت الموثق يتمثل في السماح بتداول الانتقادات والتحريض ودون اعتراض الأمير في بعض تلك التسجيلات .
وتتابعت الأخطاء حسب المصادر الرسمية باتجاه قبول فكرة التحريض على الدولة، لا بل المشاركة فيها وقبول إقامة علاقات واجتماعات مع شخصيات إما لديها حسابات بغرض التصفية أو محتقنة أو غاضبة أو حتى شخصيات يفترض بالأمراء تحجيم وتغليف التواصل الصريح معها .
طبعا الانطباع العام بأن تلك الأخطاء اليوم أصبحت من الماضي بعد اعتذار الأمير العلني، وهي ليست أخطاء جنائية لكنها تخرج عن النمط المألوف في سلوكيات وتصرفات أفراد العائلة المالكة.
وترى بعض الأوساط العميقة أن من بين أبرز الأخطاء أيضا سلوكين رصدا وهما اولا طريقة تحدث الأمير الشاب مع رئيس هيئة الأركان عندما زاره للنصح والاسترشاد طالبا باسم مؤسسة الجيش منه تغيير بعض السلوكيات، وثانيا تسجيل ثم تسريب نصوص محادثة جمعته برئيس الأركان، الأمر الذي أغضب المؤسسة العسكرية والقصر وحتى شرائح كبيرة من الأردنيين.
ولأسباب يفهمها الجميع احتفظت الدولة بطبيعة ونصوص تلك الأخطاء ولن تسمح لها بالتداول العام.
لكن الإقرار بها مؤشر حيوي على سيناريو أن تصبح من الماضي خصوصا وأن الأمير وسعيا للمصالحة ولمنع التجاذب اعتذر علنا وبجرأة تحسب له عن تلك الأخطاء، ليس فقط لشقيقه الملك وعائلته ولكن للشعب الأردني ايضا.
والأهم بعد الإقرار بالأخطاء والالتزام العلني بعدم تكرارها وإن كانت الظروف والملابسات تسمح الآن لاستعراضها واستذكاره