على بعد أسابيع قليلة من الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في مستهل شهر شتنبر المقبل، بدأت الصحافة المغربية بمختلف توجهاتها تهتم بشكل كبير بالشأن الحزبي المغربي و سؤال الانتخابات خاصة في ظل التطورات و الإجراءات الجديدة التي طرأت على العملية الانتخابية و في مقدمتها القاسم الانتخابي الجديد الذي أثار جدلا كبيرا بين السياسيين و المثقفين و الإعلامين.
الأسبوع الصحفي في عددها الأخير ( 1569)، خصصت ملفها الأسبوعي لتجربة الهيئات السياسية بين عهدي العاهل الراحل الحسن الثاني و عهد الملك محمد السادس، بدأته بصورة ساخرة عن الأحزاب السياسية المغربية، ربطت فيها بين عدد الهيئات السياسية التي ستشارك في الاستحقاقات المقبلة و اسم مستشفى الأمراض العقلية المتواجد بمدينة برشيد قائلة : ” ما أكثر الأحزاب بالمغرب و عددها 36، و هذا الرقم يرمز إلى مستشفى المجانيين عندنا، إنها مصادفة غريبة تعبر عن الواقع الكئيب الذي تعيشه أحزابنا ”
لقد مرت الأحزاب السياسية المغربية بفترات مد و جزر، فكانت تتراجع حينا و تتقدم حينا. فهناك فرق كبير بين السياسيين الذين جايلوا الراحل الحسن الثاني، و منهم من كان يعارض النظام السياسي المغربي و منهم من كان يتخذ مواقف راديكالية في مواجهة ما كانوا يسمونه المخزن و بين بعض سياسيي العهد الجديد الذين لا يجرأون على معارضة النظام السياسي المغربي و يكتفون بمعارضة الحكومة.
في ذات السياق، يضيف ذات المصدر، عن العلاقة بين الأحزاب السياسية و حكم العاهلين المغربيين بما يلي: ” لقد انقلبت الحياة السياسية في المغرب رأسا على عقب بين مرحلة الاستقلال و الفترة الحالية، إذ كانت الملكية تسعى دائما إلى إضعاف الأحزاب السياسية و تشجيع انشقاقها، لأن الأحزاب كانت تشكل قوة، و أحيانا خطرا على الملكية”.
لكن قبيل وفاة العاهل المغربي الحسن الثاني ” دخلت معظم الأحزاب المغربية في مرحلة ضعف و تراجع” لتستمر في عهد العاهل المغربي محمد السادس “في تراجع و وهن خطير، و قد أبانت عدة محطات من تاريخ المغرب خلال مرحلة حكمه عن ذلك، غير أن الحدث الذي أكد ذلك بالملموس، هو أحداث الحسيمة سنة 2017 التي تركت المحتجين في مواجهة مباشرة مع الملكية، و لم يقم أي حزب يدعي القوة و النفوذ في المنطقة، بأية وساطة وتمثيلية
لمطالب سكان المنطقة.”
بعض الأحزاب السياسية تراهن على الاستحقاقات المقبلة للظفر بمؤسسة رئاسة الحكومة، خاصة التجمع الوطني للأحرار، الأصالة و المعاصرة و حزب الاستقلال، لتدبير الشأن العام و المساهمة في تنفيذ المشاريع الوطنية الكبرى مثل النموذج الاقتصادي الجديد. فمن من هذه الهيئات السياسية ستستطيع أن تنتزع قيادة الحكومة من الحزب الأغلبي الحالي الذي فشل في تدبير الشأن العام الوطني .